الأرشيفالشرق الاوسط

80 عاماً على الاستقلال.. لبنان يعاني متلازمة تراكم الأزمات

80 عاماً على الاستقلال.. لبنان يعاني متلازمة تراكم الأزمات

شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية  :

للعام الثاني على التوالي، يحيي لبنان الذكرى الـ 80 لعيد الاستقلال، الأربعاء، من دون وجود رئيس للبلاد في ظل أزمة سياسية حادة إلى جانب أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ومناوشات مع إسرائيل عند حدوده الجنوبية.

ونال لبنان استقلاله عن الانتداب الفرنسي في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1943، لكن الاضطرابات السياسية والأمنية لطالما عكّرت صفو هذا البلد العربي الواقع عند الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وفقاً لمراقبين.

ويواجه لبنان حاليا أزمة حكم غير مسبوقة، مع عدم وجود رئيس للبلاد في ظل حكومة تصريف أعمال برئاسة نجيب ميقاتي، محدودة السلطات، وبرلمان منقسم على خيارات عدة، ولا تملك جهة قوة فرض رئيس بالانتخاب كما ينص الدستور.

 

4 فراغات رئاسية

على مدى 80 عاماً لم تنتقل السلطة من رئيس إلى آخر بطريقة سلسة، وفي سياق انتخابات طبيعية، إلا خلال عهدين فقط من أصل 13.

إذ طبعت نهايات معظم العهود صراعات وفراغات، كان معظمها ينتهي بتسويات داخلية أو خارجية تؤدي لانتخاب رئيس جديد.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، فشل البرلمان اللبناني في 12 جلسة كان آخرها بتاريخ 14 يونيو/ حزيران الماضي، في انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وهذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها البلاد في فخ الفراغ، إذ وقع الشغور الرئاسي 3 مرات منذ الاستقلال، الأولى مع انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل في 22 سبتمبر/ أيلول 1988، واستمر الشغور عاماً و 44 يوماً.

والمرة الثانية، مع انتهاء الولاية الممددة للرئيس إميل لحود في 23 نوفمبر 2007 وانتهى الشغور بعد حوالي 6 أشهر نتيجة اتفاق بين الزعماء السياسيين اللبنانيين، عُقد في العاصمة القطرية الدوحة، في أعقاب أحداث دامية وقعت في بيروت.

أما المرة الثالثة فقد كانت الأطول مدة، حيث امتد الشغور الرئاسي لعامين وخمسة أشهر، بدأت بانتهاء ولاية ميشال سليمان يوم 25 مايو/أيار 2014، وانتهت في 31 أكتوبر 2016 بانتخاب ميشال عون.

** نظام سياسي يولد الأزمات

يرى خبراء أن النظام السياسي الذي أرسته فرنسا في لبنان، كرّس الطائفية، وكان كفيلاً بإنتاج الأزمات من حين إلى آخر، فلم تمر 10 أعوام على الاستقلال، حتى اندلعت أولى الاضطرابات السياسية، تلتها اهتزازات أمنية وحروب متنقلة واغتيالات.

ويحفل تاريخ لبنان على مرّ 8 عقود باغتيالات طالت سياسيين ومفكرين ورجال دين وصحفيين، من دون محاسبة معظم منفذيها، وقد حصدت هذه الاغتيالات رئيسي جمهورية و3 من رؤساء الحكومة، كما طالت العديد من الوزراء والنواب.

ووفقا لمؤسسة “الدولية للمعلومات” اللبنانية (خاصة) فإن لبنان شهد 220 عملية اغتيال ومحاولة اغتيال منذ الاستقلال حتى عام 2021، بينها 125 عملية اغتيال طالت سياسيين وصحافيين ودبلوماسيين ورجال دين وقضاة.

 

انقسامات طائفية

هذا الواقع المأساوي يرى فيه الخبراء والمحللون، بأنه انعكاس للانقسامات والصراعات السياسية والطائفية العميقة التي يعاني منها هذا البلد.

وقال الناشط والمحلل السياسي سمير سكاف، إن أسباباً كثيرة تقف وراء عدم بناء دولة قوية ومستقرة في لبنان، من بينها الانقسامات الطائفية، والتأثيرات الخارجية، والصراع العربي – الإسرائيلي.

ولفت سكاف، في حديث مع الأناضول، إلى أن “قسماً من الشعب اللبناني لم يكن جاهزاً لكي يصبح لبنان دولة مستقلة، البعض كان يريد أن يبقى ملحقاً بالدول العربية لا سيما سوريا، والبعض الآخر كان يريد أن يبقى ملحقاً بفرنسا”.

وأضاف: “رغم ذلك قرر قسم آخر أن يخوض تجربة الاستقلال، وبعدما تحقق ذلك حاولت كل مجموعة طائفية أن تحافظ على مكاسب سياسية، لذلك مرّ لبنان بما يعرف بالمارونية السياسية، ومن ثم السنّية السياسية، والآن الشيعية السياسية”.

كما أشار سكاف إلى أن الصراعات الاقليمية والعربية كان لها تأثير على إضعاف لبنان، الذي لطالما عانى من وجود سلاح خارج إطار الدولة، كالفصائل الفلسطينية والميليشيات والأحزاب اللبنانية مروراً بفترة الحرب الأهلية والوصاية السورية.

ويقوم النظام السياسي في لبنان وفقاً للأعراف وليس الدستور، على توزيع المناصب الرئيسية على الطوائف، حيث يتولى رئاسة الجمهورية مسيحي ماروني، ورئاسة الحكومة مسلم سُني، ورئاسة البرلمان مسلم شيعي.

 

تركة الانتداب الفرنسي

من جهته، قال المؤرخ خالد الجندي إن سبب الأزمات في لبنان هو “النظام الطائفي الذي ورثته البلاد عن فرنسا إبان الانتداب، وهو نظام فاسد ومهترئ على كافة الصعد، فضلاً عن ان بعض الزعامات المحلية تكرس ولاءاتها للخارج”.

ولفت الجندي، في حديث مع الأناضول، إلى أن “الفتن الطائفية في لبنان بدأت منذ عام 1832 عندما بدأت فرنسا – التي كانت تحلم أن يكون لديها موطئ قدم بالمنطقة – بدعم الزعامات المارونية على حساب الطوائف الأخرى”.

وأشار إلى أن هذه الحال استمرت وصولاً إلى إعلانها قيام دولة لبنان عام 1920، مشيرا إلى أن فرنسا قامت خلال فترة الانتداب بتغيير البنية الاجتماعية للمجتمع اللبناني، ومنحت امتيازات لفئة معينة من الشعب على حساب فئة أخرى.

وكانت المناطق اللبنانية مندمجة مع سوريا التي كانت جزءا من الولايات العثمانية طيلة أكثر من 4 قرون قبل أن يحل الانتداب الفرنسي في المنطقة تنفيذا لاتفاقية “سايكس – بيكو”، ويظهر لبنان كبلد جديد عام 1920.

 

مواجهات ضد إسرائيل

أما حالياً، يعيش اللبنانيون واقعاً حذراً خشية توسع المواجهات الحدودية بين “حزب الله” وفصائل فلسطينية من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، حيث تشهد حدوده الجنوبية منذ 8 أكتوبر قصفاً متبادلا بشكل يومي، ما خلف قتلى وجرحى على طرفي الحدود.

وتأتي كل تلك المستجدات في ظل أزمة اقتصادية ومالية تخيّم على لبنان منذ 2019 وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من بين أشد 3 أزمات عرفها العالم، حيث أدت الى انهيار مالي وتدهور معيشي وشحّ في الطاقة.

وأدى التصعيد العسكري مع إسرائيل مؤخراً إلى نزوح 30 ألف شخص من سكان القرى اللبنانية المتاخمة للحدود الجنوبية، باتجاه مناطق أكثر أمناً، كما أقفلت المدارس والمعاهد الحكومية والخاصة في المناطق الحدودية الجنوبية.

وتأتي هذه المواجهات وسط تحذيرات داخلية وخارجية من توسع الحرب الإسرائيلية على غزة باتجاه لبنان، مع تزايد حدة المواجهات عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، بعدما أعلن “حزب الله” أنه ليس على الحياد ويدعم المقاومة الفلسطينية.

 

صفحتنا على فيس بوك

لمتابعة صفحتنا على تويتر

لمتابعة قناتنا والاشتراك بها على يوتيوب

لمتابعة قناتنا على تلغرام و الاشتراك بها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى