غزة.. ضابط بجيش الاحتلال يفجِّر جامعة والعقوبة “توبيخ”
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
في أعقاب تقديم جنوب إفريقيا، في أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2023، دعوى إلى محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين، أمَرَ عميد في جيش الاحتلال الإسرائيلي بتفجير مبنى جامعة “الإسراء” جنوبي مدينة غزة، حتى دون الحصول على موافقة قيادته.
وتداولت شبكات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية والفلسطينية، في 18 يناير/كانون الثاني 2023، مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي لتفجير المبنى، بعد نحو 70 يوما من اقتحامه وتحويله إلى “ثكنة عسكرية ومركز لقنص الفلسطينيين ومعتقل مؤقت للتحقيق”، بحسب منشورات فلسطينية.
وطيلة هذه الفترة الممتدة، لم يتحرك الجيش بشأن تفجير الجامعة، ليكتفي رئيس أركانه هرتسي هاليفي في النهاية بإصدار “مذكرة توبيخ” بحق العميد باراك حيرام، قائد الفرقة 99، المسؤول عن التفجير، ضمن حرب مدمرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
هذا التحرك المتأخر والمخفف، والذي أوردته إذاعة الجيش الإثنين، اعتبر مراقبون أنه محاولة للزعم أن إسرائيل تلتزم بالقانون الدولي وأوامر أصدرتها محكمة العدل الدولية في 26 يناير الماضي، وبينها اتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني في غزة، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنه “قبل نحو شهرين، أجاز العميد حيرام لجنوده تفجير مجمع جامعة الإسراء جنوبي مدينة غزة، دون الحصول على الموافقة اللازمة من قائد القيادة الجنوبية للجيش يارون فينكلمان”.
والتفسير الذي قدمه حيرام هو أن “الجنود شعروا بالخطر”، إذ كانت توجد معلومات عن شبكة أنفاق تحت الجامعة، ولذلك أمر بتفجيرها دون الحصول على موافقة القائد العام، كما هو مطلوب في حالات المباني الحساسة مثل الجامعات والعيادات، وفقا للإذاعة.
وتابعت، نقلا عن الجيش، أنه “سيتم إجراء تحقيق شامل في تفجير المبنى”، معتبرة أنه “ربما توجد صلة بين مذكرة التوبيخ والقلق المتزايد في الجيش الإسرائيلي بشأن الحوادث التي يمكن أن تشكل مشكلة في القانون الدولي”.
وحتى على الرغم من إصدار مذكرة التوبيخ، إلا أن الجيش الإسرائيلي دافع عن تفجير مبنى الجامعة بزعمه أن “التحقيقات كشفت أن حركة حماس استخدمت المبنى ومحيطه في نشاط عسكري ضد قواتنا، لكن جرى تفجير المبنى دون الحصول على الموافقات المطلوبة”.
وأقر حيرام نفسه، في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مؤخرا، بأنه منح الإذن لقصف منزل في بلدة بئيري في غلاف قطاع غزة، خلال هجمات “حماس” في 7 أكتوبر الماضي؛ مما أدى إلى مقتل أسرى إسرائيليين وعناصر من “حماس”.
ومستنكرا إصدار مذكرة “التوبيخ”، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للإذاعة إن “العميد حيرام بطل وقائد نحتاج إلى المزيد من أمثاله في الجيش”.
وتابع: “هذا قرار شائن، وقد حان الوقت لكي لا تشعر قيادتنا العسكرية بالذعر أو التهرب من الضغوط الدولية”.
وإلى جانب تدمير جامعة “الإسراء”، دمر الجيش الإسرائيلي بين 7 أكتوبر و11 فبراير/ شباط الماضيين 100 مدرسة وجامعة كليا و 295 مدرسة وجامعة جزئيا، بالإضافة إلى تدمير 142 مقرا حكوميا، بحسب أحدث حصيلة للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وسبق وأن رفضت “حماس” نتائج تحقيق أجرته إسرائيل في “مجزرة الطحين”، معتبرة أنها “تضليلية وكاذبة”، ومحاولة من الجيش الإسرائيلي لـ”تبرئة جنوده الإرهابيين”.
وفي 29 فبراير الماضي، أطلقت قوات إسرائيلية النار على مئات الفلسطينيين خلال تجمعهم جنوبي مدينة غزة في انتظار الحصول على مساعدات إنسانية في شارع الرشيد، لا سيما الطحين (قمح)؛ مما خلَّف 118 قتيلا و760 جريحا، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
وإجمالا، خلَّفت الحرب الإسرائيلية على غزة عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية غير مسبوقة ودمارا هائلا ومجاعة بدأت في حصد أرواح أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
وفي تحدٍ للقوانين الدولية، تُصر إسرائيل على مواصلة الحرب، على الرغم من مثولها، للمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، أمام محكمة العدل الدولية (مقرها في مدينة لاهاي بهولندا)؛ بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية”.