ألطون: لا سلام في المنطقة إلا بتأسيس دولة فلسطينية على حدود 1967
ألطون: لا سلام في المنطقة إلا بتأسيس دولة فلسطينية على حدود 1967
قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، إن أنقرة ستظل تبذل كل جهودها من أجل وقف المذابح التي ترتكب في فلسطين، وإقامة دولة فلسطين المستقلة والمتمتعة بكامل سيادتها ووحدة أراضيها على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لأن ذلك هو السبيل الأوحد لتحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها معه الجزيرة نت تناول فيها مجموعة من القضايا.
وأكد ألطون أن الدعم الذي تقدمه تركيا للقضية الفلسطينية يزداد يوما بعد يوم، ومنذ محاولات الغزو وأعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت تركيا في طليعة الدول التي تعمل لجعل هذه القضية على رأس جدول الأعمال في العالم.
وأوضح أن تركيا من أكثر الدول التي تسعى لتقديم المساعدات الإنسانية، قائلا “لم يتغير شيء في سياسة تركيا تجاه فلسطين، فهي وبغض النظر عن الجغرافيا تحمي المظلومين وخاصة في فلسطين، دون أن تسأل عن هويتهم، وتقول للظالم أنت ظالم بصوت عال”.
وأكمل: “عندما دعت محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري بشأن المسائل الأساسية المتعلقة بالعواقب القانونية المترتبة على احتلال إسرائيل طويل الأمد والاستيطان وضمها الأرض الفلسطينية المحتلة، أودعنا وجهة نظرنا الخطية في 20 يوليو/ تموز الماضي، وكذلك قدمنا إحاطتنا في جلسة الاستماع الشفوية التي عقدتها المحكمة بلاهاي في 26 فبراير/ شباط الماضي”.
وشدد على أن تركيا بينت في إحاطتها تلك أن جميع الإجراءات والتدابير أحادية الجانب التي تتخذها إسرائيل بهدف تغيير طابع ووضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووضع مدينة القدس بما في ذلك الأماكن المقدسة والحرم الشريف، تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
** الجهود التركية
رئيس دائرة الاتصال تطرق إلى الجهود التركية المتواصلة بالقول إن أنقرة في خضم ما كانت تبذله من قصارى جهودها لتحقيق وقف إطلاق النار بغزة، نظم الرئيس رجب طيب أردوغان لقاء جمع فيه قادة حركتي حماس وفتح لضمان أن يعمل الفاعلون الفلسطينيون بتنسيق تام وبشكل متكامل.
وكشف عن جهود دائرة الاتصال وأنها أطلقت منذ الأيام الأولى للأحداث حملة لمواجهة عمليات التضليل الإعلامي ومغالطات الأخبار الكاذبة التي كانت تبثها الدعاية الإسرائيلية، كما نُظم اجتماع استثنائي لوزراء الإعلام بالدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، حيث تم فيه تأكيد تنسيق الخطوات التي سيتم اتخاذها بشأن التضليل الإعلامي الإسرائيلي.
وأكد أن تركيا رفعت القضية الفلسطينية إلى أن جعلتها قضية مركزية للدولة، وقدمت اقتراحات للحلول الممكن اتباعها على المديين المتوسط والطويل، ولم تتردد في تحمل تبعات المسؤولية عند اقتراح آليات الضمانات الدولية لحل القضية وتأسيس الدولة الفلسطينية.
وبشأن قطع العلاقات التجارية مع تل أبيب أفاد أنه “من المعلوم لدى الجميع إلى أي حد متطور وصلت إليه علاقاتنا مع إسرائيل حتى 7 أكتوبر، غير أن تركيا وقبل المذابح الشنيعة التي تعيشها غزة بوقت طويل أوقفت عمليات شحن المواد التي يحتمل استخدامها في الأغراض العسكرية، إلى إسرائيل”.
وأضاف ألطون: “ما وصلت إليه الأمور مؤخرا يبين مدى واقعية وصدق تركيا التي ذهبت إلى قطع علاقاتها التجارية مع إسرائيل في موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، وهذه القرارات ستكون لها انعكاسات تمس الرأي العام”.
وزاد أن الأهمية القصوى التي يوليها شعبنا للقضية الفلسطينية مثال يقتدى به في العالم بأسره، مؤكدا أن تركيا هي البلد الوحيد في العالم الذي اتخذ قراره بتقييد العلاقات التجارية أول الأمر ثم بتعليقها في آخر المطاف.
وأكد أيضا “من المعلوم أن منطقة الشرق الأوسط تتخبط منذ سنوات طويلة في مشكلة إسرائيل، وأن هذه المشكلة منذ 7 أكتوبر قفزت إلى واجهة الأحداث، فلا ينبغي لأحد أن يساوره الشك للحظة أننا في تركيا سنقف مكتوفي الأيدي إزاء هذه المشكلة، وأننا سنفعل كل ما يمكننا القيام به في إطار الدولة لإيجاد حل لها”.
وأوضح أنه لذلك “لا ينبغي لنا أن ندع هذه النقاشات المتعلقة بالمعاملات التجارية تلهينا عن هذه القضية المركزية، غير أن ما يسرنا ويثلج صدورنا أن نرى إلى أي حد يعرب الشعب التركي عما يوليه من اهتمام بالغ بغزة”.
** تضليل إعلامي
وردا على سؤال بشأن أنباء عن وصول منتجات تركية إلى الجيش الإسرائيلي، أجاب ألطون “هناك بعض الجهات تقوم بحملة دعاية سوداء منظمة ضد تركيا دوليا، وكل همها العمل على إضعاف موقف حكومتنا وإثارة الرأي العام الداخلي ضدها، وهذه القوى تتلقى دعم زمرة من المتعاونين معها”.
وأضاف: “المزاعم القائلة بوصول منتجاتنا إلى الجيش الإسرائيلي هي محض كذب وافتراء صارخ، فقد فضح مركز مكافحة التضليل الإعلامي التابع لدائرة الاتصال حملات التشهير تلك وبيّن أنها محض افتراءات كاذبة تستند إلى معلومات مغلوطة وفيديوهات ومرئيات تعود لتواريخ قديمة تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.
وشدد بالقول: “دعك من مزاعم إرسال منتجات إلى الجيش الإسرائيلي وركز في المقابل على ما قدمته تركيا، وعلى إيصالها قرابة 50 ألف طن من إمدادات المساعدات الإنسانية إلى غزة حتى هذه اللحظة”.
كما أكد أن “تركيا حكومة وشعبا ومنذ 7 أكتوبر كانت الدولة التي أبدت الموقف الأكثر شرفا وتأثيرا وصرامة على جميع المستويات إزاء جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، حيث ستنضم تركيا إلى الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، والتي تتهمها فيها بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وستتابع هذه القضية إلى أن يتم إثبات جرائم إسرائيل وإدانتها في المحاكم الدولية”.
** زيارة هنية
وعن زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية إلى تركيا ولقائه الرئيس أردوغان قال ألطون “قبل هذا الاجتماع قدم الرئيس أردوغان تعازيه لهنية في فقده أبناءه وأحفاده إثر الهجمات الإسرائيلية، والرئيس أردوغان هو أحد القادة القلائل الذين فعلوا ذلك، وتم اللقاء مع هنية في جو ودي للغاية”.
وزاد أن الرئيس أردوغان هو أحد القادة القلائل الذين عبروا بصوت عال عن إدانة جرائم القتل الإسرائيلية في فلسطين أمام الرأي العام العالمي، ومنذ 7 أكتوبر خصص جزءا كبيرا من ساعات عمله للجهود التي بذلها في سبيل حل هذه الأزمة، وخلال لقائه مع هنية تم التطرق لما يمكن فعله بشأن تعزيز جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وأكد أن الإيقاف العاجل والفوري للهجمات الإسرائيلية على فلسطين أهم موضوع مدرج على جدول أعمال الرئيس أردوغان، وبالتالي سنرى عما قريب نتائج مباحثاته، وجهوده لا يمكن حصرها في لقائه مع مسؤولي حركة حماس، فهذا ليس إلا مجرد جزء من سلسلة أنشطة دبلوماسية مكثفة ومباحثات قام بها مع قادة العديد من دول العالم.
وزاد: “تركيا ستظل تبذل كل جهودها من أجل وقف المذابح التي ترتكب في فلسطين وإقامة دولة فلسطين المستقلة والمتمتعة بكامل سيادتها ووحدة أراضيها على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لأن ذلك هو السبيل الأوحد لتحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة”.
** العلاقة مع مصر
وفيما يخص العلاقة مع مصر أفاد ألطون أنه مع زيارة الرئيس أردوغان إلى القاهرة في 14 فبراير الماضي، اكتملت عملية التطبيع ودخلت حقبة جديدة في العلاقات بين البلدين، “ومع توقيع الإعلان المشترك خلال هذه الزيارة تم الإعلان عن إعادة هيكلة مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين بلادنا ومصر ليجتمع تحت الرئاسة المشتركة للرئيسين”.
وأردف: “الإرادة السياسية لتطوير العلاقات بين البلدين في كافة المجالات أكدها الرئيسان على أعلى المستويات، إذ تلعب مصر دورا مهما للغاية في استقرار المنطقة وأمنها، ومن الأهمية أن تتعاون تركيا ومصر، خصوصا في ما يتعلق بوقف العدوان الإسرائيلي وتنفيذ آلية الحل الدائم والعادل في فلسطين”.
ولفت إلى أنه “تم الاتفاق على عقد اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى أثناء زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا خلال الأشهر المقبلة حال انتهاء استعدادات عقد الاجتماع، كما تتطابق وجهات نظر البلدين بشأن العديد من القضايا الإقليمية”.
** مكافحة الإرهاب
وبخصوص مكافحة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها “بي كي كي”، قال ألطون “تجاوزت حرب تركيا ضد (بي كي كي) 40 عاما، ويمكن القول إننا حققنا نتائج فعالة على صعيد تحييد الإرهاب والتنظيمات الإرهابية باستراتيجية تجفيفه في منابعه، التي أعلنها رئيس الجمهورية عام 2016”.
وأضاف أن “التطورات الإقليمية للأسف هيأت للتنظيمات الإرهابية أرضية جعلتها تكتسب فعالية، ومقابل هذا اضطرت تركيا إلى مكافحة الإرهاب بطريقة متكاملة خارج حدودها، ولم تُستهدف تركيا بشكل مباشر من قبل (بي كي كي) فحسب، بل استهدفت أيضا من قبل عشرات التنظيمات المتعاونة مع هذا التنظيم وغيره مثل داعش، وما زالت هذه التنظيمات تستهدفها، غير أن تركيا تمكنت من تأمين حدودها بفضل استراتيجية المكافحة المتكاملة”.
وأكد أن “تركيا تحارب العديد من التنظيمات داخل الأراضي العراقية والسورية في إطار حق الدفاع عن النفس الناشئ عن القانون الدولي، ولذلك لا يعد انتهاكا للحدود أو تدخلا ضد وحدة ومصالح هذه الدول، بل على العكس فإن وجودها في إطار القانون الدولي من شأنه مساعدة هذه الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها وسلامتها”.
** العلاقة مع العراق
كما أجاب ألطون عن سؤال بشأن انعكاسات زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق، بقوله “زار رئيس جمهوريتنا العراق للمرة الأولى منذ 13 عاما، وفي نطاق الزيارة وقّع البلدان 26 نصا قانونيا ثنائيا تغطي جميع جوانب علاقاتنا، خاصة الأمن ومكافحة الإرهاب، والتجارة والاقتصاد، والنقل، والطاقة، والبيئة والزراعة، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم رباعية بشأن التعاون في مشروع طريق التنمية بمشاركة قطر والإمارات العربية المتحدة”.
وأضاف: “في هذا السياق ينبغي أن نسلط الضوء بشكل خاص على اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تشكل خريطة الطريق للمسار المستقبلي لعلاقاتنا، ومن خلال هذا الاتفاق تقرر إنشاء لجان دائمة مشتركة مع مجموعة التخطيط المشترك حول مختلف موضوعات العلاقات الثنائية، ومشروع طريق التنمية مبادرة مهمة للغاية على المستويين الإقليمي والعالمي لأنه جسر بين الخليج العربي وأوروبا”.
وعن الدعم الأمريكي المستمر للتنظيمات في المنطقة، قال ألطون “لا يخفى على أحد أن لدينا وجهات نظر مختلفة مع الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بوجود (بي كي كي) في سوريا وعلاقاتها مع هذا التنظيم الذي تحاول واشنطن تغطيته بتغيير اسمه”.
وأكمل: “أدلى رئيس الجمهورية ومؤسساتنا ذات الصلة بتصريحات مستندة إلى بيانات ولعدة مرات فيما يتعلق بطبيعة هذا الانتقال، ولقد ذكرنا علنا وفي اللقاءات الخاصة أيضا أن هذا الوضع غير مناسب للعلاقات بين الحليفين في الناتو، ويمكن أن يعرض هذه العلاقات للخطر”.
** اتفاقيات مع دول الخليج
ولفت ألطون في حواره إلى أن “تركيا تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع منطقة الخليج، وتدير هذه العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتعاون من خلال آليات التعاون المشترك الثنائية ومتعددة الأطراف، ويجب تقييم علاقات تركيا مع دول الخليج في إطار المبادئ والتطورات الإقليمية”.
وتابع أن “دعوة السيد رئيس جمهوريتنا لحضور قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الدوحة في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2023، ومشاركته في هذه القمة تظهر بشكل أساسي المستوى السياسي الذي وصلت إليه علاقاتنا”.
وأكد “استمرار إنشاء آليات التعاون الثنائي مع دول الخليج، إذ أُنشئ مؤخرا المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك لجنة استراتيجية عليا تعمل بفعالية كبيرة مع قطر، ويجري العمل أيضا مع المملكة العربية السعودية من أجل الاجتماع المقبل لمجلس التنسيق التركي السعودي”.
وعن الحرب الروسية الأوكرانية قال ألطون إن “النهج الذي اتبعته تركيا في التعامل مع العديد من الأزمات والتحديات التي ظهرت مؤخرا على المستوى الإقليمي أو العالمي كان دائما يتشكل بما يتماشى مع مواقفها ومبادئها”.