كارثة درنة.. مطالب بالمحاسبة تعوقها حسابات سياسية
كارثة درنة.. مطالب بالمحاسبة تعوقها حسابات سياسية
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
دفع حجم الضحايا الكبير الذي خلفه الفيضان الذي أغرق مدينة درنة ومناطق أخرى شرقي ليبيا، إلى مطالبة أطراف سياسية وشعبية بإجراء تحقيق دولي حول أسباب انهيار سُدي درنة وارتفاع عدد القتلى والمفقودين، بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث للبلاد.
شهدت درنة، في 18 سبتمبر/ أيلول الجاري، مظاهرات شعبية مطالبة بالإسراع في التحقيق بشأن كارثة الفيضانات، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يثبت تقصيره.
وطالب المحتجون بضرورة إعادة إعمار المدينة بأسرع وقت، عن طريق هيئات وشركات عالمية، وليست محلية، على أن يخضع ذلك لرقابة أممية.
ودرنة مدينة جبلية تقع على ساحل البحر المتوسط في شرق ليبيا يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر ويشطرها لنصفين مجرى “وادي درنة” الذي يعد من أهم معالمها، والبالغ طوله نحو 30 كم.
ويرجح سكان من المدينة سبب انهيار سُدي “البلاد” و”سيدي بو منصور” (2 كم و13 كم جنوبي المدينة على التوالي)، إلى إهمال السلطات المتعاقبة، والتأخير في إجراء الصيانات اللازمة.
ـ المنفي والدبيبة يطلبان فتح تحقيق
طلب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، من النائب العام الصديق الصور، فتح تحقيق شامل في كارثة الفيضانات التي ضربت درنة، ومحاسبة كل من أخطأ أو أهمل بالامتناع أو القيام بأفعال نجم عنها انهيار سدي المدينة.
رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، دعا هو الآخر النائب العام، لفتح تحقيق عاجل في أسباب انهيار السدين.
من جانبه، شكل المجلس الأعلى للقضاء، لجنة تتكون من أعضاء بالمجلس للتحقيق والفحص في موضوع الكارثة التي حلت بدرنة، للوصول إلى النتيجة والحقيقة حول ما حصل والأسباب التي أدت إلى ذلك.
ودعا المجلس، في بيان نشره على صفحته على “فيسبوك”، كافة الجهات “للتعاون مع اللجنة وإحالة كافة المستندات والوثائق ومحاضر الاستدلال والتحقيق إليها”.
ـ كارثة لا مفر منها
غير أن موقف مجلس النواب اختلف تماما عن دعوات فتح تحقيق، التي دعت إليها الأطراف السياسية المحسوبة على غرب البلاد.
حيث دعا رئيس المجلس عقيلة صالح، المواطنين إلى التحلي بالصبر في مواجهة الكارثة الطبيعية، واصفا ما حدث في درنة بـ”الكارثة الطبيعية التي لا يمكن الفرار منها”.
في المقابل، أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب، إقالة المجلس البلدي لدرنة بالكامل، وإحالة أعضائه إلى التحقيق.
وعلى الرغم من إصدار الجهات التنفيذية، من بينها الحكومة المكلفة من مجلس النواب، والتي يرأسها أسامة حماد، وحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، عدة قرارات تنص على صرف مبالغ مالية لإعادة إعمار المدينة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لامتصاص الغضب الشعبي.
ـ التحقيقات ستطال مسؤولين
قال النائب العام، إن “التحقيقات حول كارثة درنة ستطال مسؤولين حاليين وسابقين على مدى 20 عاما، وستشمل هيئة المياه والموارد المائية، ولجنة إعمار درنة، ومن الصعب إعطاء مهلة محددة لانتهاء التحقيقات حول انهيار السدين”.
وأضاف “الصور”، في تصريحات لقناة ليبيا الأحرار (خاصة) “نحن ملتزمون أمام أهالي الضحايا باتخاذ كافة الإجراءات لتحقيق العدالة”، داعيا الجهات التنفيذية إلى توفير المناخ المناسب أمام النيابة لإتمام إجراءات التحقيق.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي فرج فركاش إن “التحقيق العادل والشفاف في كارثة درنة يجب أن لا يستثني أحدا، فالمسؤولية بالتأكيد يجب أن تطال الجميع دون استثناء”.
وأشار فركاش خلال حديثه للأناضول إلى أن التحقيق المرتقب “يأتي محاولة لامتصاص غضب الشارع في درنة خاصة وليبيا عامة، وأنه لن يغير شيئا ولن يستطيع محاسبة أحد، لذلك يطالب كثيرون بتحقيق دولي أو أممي مستقل”.
ويعتبر وادي درنة مصبا لكل السيول القادمة من جنوب المدينة من مناطق المخيلي والقيقب والظهر الحمر والقبة والعزيات، وبعد امتلاءه بفعل إعصار “دانيال”، “انهار سدا “البلاد” و”سيدي بو منصور” اللذان كانا الضامن الوحيد لاحتباس مياه السيول المنحدرة من أعالي مناطق الجبل، وفق حديث سابق للمؤرخ الليبي فرج داود الدرناوي، للأناضول.
وتم بناء سدي “البلاد” و”سيدي بو منصور” المنهارين في الفترة من 1973 إلى 1977 للسيطرة على الفيضانات وري الأراضي الزراعية وتوفير المياه للمجتمعات المجاورة، ويبلغ ارتفاعهما و45 و75 مترًا على التوالي، فيما تبلغ القدرة التخزينية للمياه بهما 1.5 مليون متر مكعب، و23 مليون متر مكعب على التوالي.