بعد فراق 101 يوم.. لم شمل توأمين ملتصقين سوريين بأمهما في تركيا
بعد فراق 101 يوم.. لم شمل توأمين ملتصقين سوريين بأمهما في تركيا
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
أنقرة/ مروة ايدوغان/ الأناضول
بعد فراق دام 101 يوم، جمعت الحكومة التركية شمل توأمين سوريين سياميين (ملتصقين) مع والدتهما التي نقلت إلى العاصمة أنقرة من شمالي سوريا.
ولد التوأمان بسام وإحسان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، في محافظة إدلب التي مزقتها الحرب، ورغم ارتفاع معدلات الوفيات بين التوائم الملتصقة، تمكن الرضيعان من التمسك بحياتهما خلال المراحل الأولى.
وبعد فترة وجيزة من اكتشاف والدهما، محمود صالح، لحالة طفليه، طلب المساعدة من حكومة أنقرة.
وتلقى محمود استجابة إيجابية سريعة من تركيا، وتم بالفعل إحضار التوأمين إلى ولاية هطاي (جنوب)، ثم نقلا إلى مستشفى كلية الطب في أنقرة، لتبدأ رحلة علاجهما بالعاصمة
وبفضل جهود السلطات التركية، وصل والد التوأمان إلى أنقرة، تاركا خلفه أطفاله الثلاثة الآخرين مع والدتهم في سوريا.
وتحدث محمود (40 عاما) للأناضول عن رحلتهم من إدلب إلى أنقرة، محاولا كبت مشاعره، قائلا: “بعدما اكتشفت حالة التوأمين، طلبت المساعدة من تركيا لعلاجهما، وبفضل الله تمت الموافقة على طلبنا، وتمكنت من نقل أطفالي إلى مستشفى في مدينة أنطاكيا (التابعة لولاية هطاي)”.
وبعد الإجراءات اللازمة، تم نقل بسام وإحسان إلى مستشفى كلية الطب في أنقرة.
وتمكن مقدمو الرعاية الصحية، من الممرضات والأطباء والجراحين ورؤساء الأطباء، من تقديم الحب والرعاية اللازمة للأطفال بسبب عدم وجود أمهم وأبيهم معهم.
ورغم ذلك، احتاج التوأمان من وجود أمهما بجانبهما حتى يستعدا لإجراء عملية الفصل.
** تركيا تمدّ يد العون
سارعت الحكومة التركية ببذل الجهود اللازمة لجلب الأم وأطفالها الثلاثة الآخرين إلى تركيا ولم شمل الأسرة مع الأب والتوأمين.
وأعرب محمود عن امتنانه الشديد للاجتماع بزوجته وأولاده مرة أخرى، وقال: “كانت أوقات صعبة بالنسبة لي، فقد اضطررت إلى ترك زوجتي وأولادي، لكن هم هنا الآن ونحن جميعا معا.. أنا ممتن للغاية”.
وتقدم محمود بالشكر إلى الحكومة التركية والمسؤولين والعاملين في المجال الصحي على جهودهم وأعمالهم.
وأضاف: “عندما عجزت عن معرفة ما علي فعله (بعد اكتشاف حالة التوأمين)، مدت تركيا يد العون لنا”.
وفي هذه الأثناء، كانت والدة بسام وإحسان، لبابة، تنتظر بفارغ الصبر أمام وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة لتجتمع أخيرا بطفليها.
وأشارت لبابة، وهي أم لـ5 أطفال، إلى ما مرت به من “أوقات وظروف عصيبة” عندما تفرقت عن طفليها، وقالت إنها أصيبت بمرض.
وقالت: “بعد ابتعاد طفلي عني لمدة 3 أشهر، أصبت بمرض شديد، لم يكن والدهما (الذي جاء إلى تركيا في وقت سابق) معي أيضا”.
وأعربت لبابة أيضا عن شكرها الشديد للحكومة التركية والمسؤولين، وكذلك العاملين في المجال الصحي.
وأضافت: “الحمد لله.. أنا مسرورة ومبتهجة لرؤية أطفالي أخيرا”.
وتشتهر مستشفى كلية الطب في أنقرة بأنها واحدة من أعرق المستشفيات التعليمية في تركيا، حيث توفر العلاج لما يقرب من 700 ألف مريض سنويا، باستخدام أحدث التقنيات والأجهزة الطبية.
** تحضيرات فصل التوأمين
وعن التوأمين وحالتهما، تحدثت رئيسة قسم طب الأطفال في مستشفى كلية الطب في أنقرة، الدكتورة سعدت أرسان، للأناضول، قائلة: “الطفلان توأمان سياميان، ويعرفان أيضا باسم التوأمين الملتصقين، وهي حالة نادرة في الطب”.
وأوضحت أن التوأمين بسام وإحسان ملتصقان عند منطقة الجذع، وأنهما يتشاركان في بعض الأعضاء وتجويف البطن حيث أن أحدهما ليس لديه كلى، كما يجتمعان عند النظام القنوي والمثانة والبنكرياس.
وبينما يتلقى الطفلان علاجا غير منقطع في المستشفى خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أفادت أرسان أنه تم تشكيل مجالس تضم خبراء من جميع التخصصات الطبية لمناقشة العملية.
وقالت: “وعد مناقشة العملية في هذه المجالس، توصلنا إلى أن جراحة فصل التوأمين يجب أن تكون تدريجية، وستتضمن سلسلة من العمليات التي قد تستغرق وقتا طويلا”، مضيفا أنه خلال الاجتماع الأخير، اتفق المجلس على أهمية عدم الإسراع في الإجراءات.
وبجانب توفير الرعاية الطبية للتوأمين، أوضحت أرسان أن مستشفى كلية الطب في أنقرة، اتخذت مبادرة لم شمل الطفلان مع باقي أفراد أسرتهما.
وقالت: “بغض النظر عما إذا كانوا ملتصقين من بطنهم أم لا، يحتاج الأطفال إلى النمو في بيئة أسرية”.
وأضافت أرسان وهي تحاول إخفاء دموعها: “لا يتطور الأطفال بشكل صحيح عندما يكونون بعيدا عن أسرهم، ولذلك بصفتنا الفريق الطبي للتوأمين، نحن متحمسون وسعيدون للغاية برؤية الأسرة كاملة مجتمعة هنا”.
وقدمت جراحة الأطفال من مستشفى كلية الطب في أنقرة، الدكتورة غولنور غولو بهادير، المزيد من التفاصيل حول حالة التوأمين وعملية فصلهما.
وأشارت بهادير إلى ندرة حالات التوأم الملتصق عالميا، وقالت: “عملية الفصل بين الطفلين تتطلب فريقا كبيرا، لقد بدأوا بالفعل في جميع التحضيرات اللازمة للجراحة”.
وتابعت: “بصفتنا فريق الجراحة بجامعة أنقرة، بدأنا في الخطوات الأولية اللازمة لفصل التوأمين، لكن أحد الطفلين حالته حرجة أكثر من الآخر، حيث يعاني من مشاكل خطيرة في المسالك البولية، بينما يشاركان أيضا غشاء القلب، والكبد، والبنكرياس”.
وأوضحت بهادير أن أحد الطفلين لم يكن لديه فتحة شرج عندما وصل، وقالت: “كان علينا إجراء عملية جراحية في أسرع وقت لحل لهذه المشكلة، لذلك قمنا بإنشاء فتحة شرج جراحيا”.
وأشارت إلى أن الرعاية الطبية اللازمة في الوقت الحالي للطفلين قد تمت بالفعل، لكن عملية الفصل بينهما ستستغرق وقتا أطول بكثير، مضيفا أن قسم طب الأطفال كاملا يراقب العملية عن كثب.
وأضافت: “بدأنا بالفعل التجهيزات لفصلهما، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت، ربما سنة أو سنتين”.
وكل ما على التوأمين الملتصقين، بسام وإحسان، فعله الآن هو الانتظار بصبر لإجراء العملية الجراحية وفصلهما بشكل صحي ونهائي، لكن ما يهم الآن هو أنهما مع أفراد أسرتهما كاملة يتلقون كل الحب والرعاية.