جدل يثيره تحقيق أوروبي مرتقب مع موظفين لبنانيين حول جرائم مالية
جدل يثيره تحقيق أوروبي مرتقب مع موظفين لبنانيين حول جرائم مالية
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
في زيارة من المنتظر أن تثير خلافات وجدلاً سياسيا وقانونيا في لبنان، توقع إعلام محلي أن يزور البلاد خلال يناير/ كانون الثاني الجاري، وفد أوروبي للبحث في قضايا وجرائم مالية.
وتشير وسائل إعلام لبنانية إلى أن الوفد، سيأتي للبحث في الملفات القضائية المتعلقة بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، المُلاحَق بقضايا تبييض أموال وجرائم مالية في دول أوروبية.
وتبلّغت السلطات اللبنانية وفق ما أوردته وسائل إعلام محلية، من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ عبر كتاب رسمي، أن وفدا قضائيا من هذه الدول سيزور بيروت بين 9 و20 الشهر الجاري.
ووفق تقارير صحفية، يواجه سلامة تحقيقات في فرنسا وسويسرا منذ مطلع 2021، بشأن اتهامات بعمليات غسل أموال في المصرف المركزي، وحول ثروته الشخصية وثروة أقارب له.
إلا أن سلامة أعلن أكثر من مرة، أنه يواجه “حملات” إعلامية وسياسية، مؤكدا أن مصدر ثروته “واضح وموثق”.
وقال: “كنت مصرفيا ناجحا لمدة تقارب 20 عاماً، ولا شيء يمنعني من استثمار ثروتي الخاصة وإنمائها”.
وأردف أنه “سيقدم تقريرا مفصلاً إلى القضاء حول ثروته الخاصة واستثماراته”.
وتولى سلامة منصبه حاكما للمصرف المركزي منذ 28 عاما، إلا أنه يواجه مؤخراً تدقيقا متزايدا في أعقاب انهيار النظام المالي في لبنان.
وتحمّل جهات سياسية وشعبية، سلامة، مسؤولية انهيار العملة الوطنية، التي سجلت هبوطاً غير مسبوق في ظل أزمة اقتصادية حادة تعانيها البلاد منذ أكثر من عامين.
خلاف قانوني
حول هدف زيارة الوفد، كشف الخبير الاقتصادي محمود جباعي لـ”الأناضول” أن الوفد الأوروبي سيستمع لماليين ومصرفيين وموظفين في مصرف لبنان المركزي.
وتابع جباعي أن “الاستجواب وفقا للقانون اللبناني والدولي، عليه أن يكون تحت إشراف محكمة التمييز اللبنانية، ولا يحق للوفد استجواب أي شخص من دون حضور قاضٍ لبناني”.
ولفت إلى أن “محكمة التمييز اللبنانية لم تتبلغ أن الوفد سيأتي للتحقيق أو لعقد شراكة”.
ورأى جباعي أن “ما سيقوم به الوفد هو نوع من الاستماع أو الدردشة، بحيث يمكن للمصرفي المستدعى أو لأي شخصية مالية أن لا تحضر لأنها غير ملزمة بذلك”.
الأصول مرعية
في المقابل، أكد المحامي وديع عقل لـ”الأناضول” أنه “في القانون لا يوجد شيء اسمه دردشة”، لافتا إلى أن “زيارة الوفد الأوروبي ستحصل، وهناك تعاون قضائي لبناني وأوروبي منذ أكثر من سنتين في هذا المجال”.
وتابع: “هناك مراسلات متبادلة عبر القنوات القانونية والدبلوماسية بين لبنان وأوروبا.. هناك مئات ملايين الدولارات التي تم اختلاسها من لبنان وتبييضها في دول أوروبية”.
ولفت إلى أن “الاستجواب سيكون إما عبر محقق لبناني تُطرح الأسئلة عبره، أو أن المحقق اللبناني سيفتح المجال للأوروبي لطرح الأسئلة”.
وذكّر عقل بأن “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هي الراعية لكل هذه التحقيقات، والأصول مرعية ومحكمة التمييز ترعى الأصول.. كما أن المراسلات القانونية القضائية بين الجهات المختصة تتم”.
خرق للسيادة اللبنانية
شدد رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ”الأناضول” على أنه “لا يجوز لأي جهة خارجية أن تتجاوز السيادة القضائية المطلقة للمحاكم اللبنانية”.
وقال: “في حال رغبت دولة أجنبية بإجراء تحقيقات ضمن هذه السيادة، يتوجب عليها طلب ذلك بموجب موافقة قضائية توجّه إلى القضاء اللبناني المختصّ، الذي يعود له حصراً حق تنفيذها والاستجواب فيها، بحضور قضاة من الدولة التي تطلب ذلك”.
ولفت مرقص إلى أن الدستور اللبناني، يرعى في مقدمته مبدأ سيادة الدولة اللبنانية، بحيث لا تخضع الدولة لأي كيان آخر ولا تخضع إلا لإرادتها، وتمارس سلطتها على مواطنيها وضمن إقليمها.
وأضاف: “السماح للجهات القضائية الأوروبية بهذا المستوى من الخرق للسيادة اللبنانية، سيشكل سابقة من شأنها فتح الأبواب، أمام أية دولة في العالم، تفترض أنها تمسك بقضية على مواطن لبناني”.
توافق كلام مرقص مع جباعي الذي قال إنه “في حال وافقت السلطات اللبنانية على القيام بأي استجواب فهذا يعد خرقا للسيادة اللبنانية”.
استجوابات لاحقة
تشكل مسألة زيارة الوفد واستجوابه موظفين لبنانيين، معضلة قانونية جديدة في البلاد، فبينما يرى مرقص وجباعي فيها تعدٍّ على سيادة البلاد، جزم عقل بأن “كل ما يحصل يدور في أطر قانونية”.
وأكد بأن الاستجوابات سيتبعها تحقيقات واستجوابات أخرى، “وفي التحقيق المالي ممكن دائما أن تجد معلومات”.
وتوقع أن “الأشهر المقبلة ستحمل تطورات في هذا الموضوع كما ستصدر قرارات قانونية”.