انتخابات بلغاريا.. أهمية خاصة للأقلية المسلمة والتركية
انتخابات بلغاريا.. أهمية خاصة للأقلية المسلمة والتركية
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
تستعد بلغاريا (جنوب شرقي أوروبا) لإجراء الانتخابات العامة الـ11 بعد عملية التحول الديمقراطي التي بدأت مع الإطاحة بالديكتاتور الشيوعي “تودور جيفكوف” عام 1989، والتي تحمل أهمية خاصة بالنسبة للسكان المسلمين.
وتكمن أهمية الانتخابات القادمة في أن المسلمين وخاصة الأتراك يرون فيها فرصة لتغيير التأثير الكبير الذي يملكه الحزب اليميني المتطرف “ائتلاف الوطنيين المتحدين” داخل الحكومة الائتلافية التي يرأسها بويكو بوريسوف.
ويتوقعون تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات، تعمل على حماية حقوق الإنسان وضمان تحقيق العدالة، وتساعد على تقليل هجرة الشباب من بلغاريا باحثين عن فرص أفضل بعد يأسهم من تحسن الأوضاع في بلادهم.
في بلغاريا، حيث يعيش حوالي 850 ألف مسلم، يتوجه نحو 6.3 ملايين ناخب مسجل إلى صناديق الاقتراع في 4 أبريل/نيسان الجاري، لانتخاب 240 عضوا في البرلمان.
*”حركة الحقوق والحريات”
لعب حزب “حركة الحقوق والحريات”، الذي تأسس في بداية عملية التحول الديمقراطي في بلغاريا ومعظم أعضائه من الأتراك، دورًا رئيسيًا في الحياة السياسية للبلاد منذ ما يقرب من 25 عامًا، وقد فضل العمل ضمن صفوف المعارضة بعد انتخابات عام 2017.
وأدى ذلك إلى تبوؤ “ائتلاف الوطنيين المتحدين” (يميني متطرف) دور الداعم الرئيسي في الحكومة الائتلافية التي شكلها رئيس الوزراء “بويكو بوريسوف”، بعد انتخابات عام 2017.
وظل الأتراك والمسلمون ممثلين في “حركة الحقوق والحريات” إلى جانب المعارضة في البرلمان، وعملوا على لعب دور نشيط في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
* انتخابات 2021
قبل فترة وجيزة من انتخابات 4 أبريل/ نيسان المقبل، التي من المقرر إجراؤها بمشاركة 30 حزبًا وتحالفًا سياسيًا، أعرب مواطنون من الأقلية التركية المسلمة ممن يصوتون تقليديًا لصالح “حركة الحقوق والحريات”، في أحاديث للأناضول، عن
أملهم في أن يحقق الحزب تقدمًا ملحوظًا خلال الانتخابات المقبلة، يضمن مشاركتها بدور أكبر في الحياة السياسية.
وقال مصطفى حسين، أحد سكان مدينة كيرجالي ذات الغالبية التركية جنوب شرقي بلغاريا، بأنه سيصوت لصالح “حركة الحقوق والحريات”، من أجل “جعل المستقبل أجمل”.
وشدد حسين، على أن الهجرة من بلغاريا إلى الخارج قد تزايدت خاصة في السنوات الأربع الماضية، “بسبب التأثير الكبير الذي يملكه الحزب اليميني المتطرف (ائتلاف الوطنيين المتحدين) داخل الحكومة الائتلافية”.
وتابع: “لقد تبعثرت العائلات جراء هجرة العديد منها نحو بلدان أوروبا، لقد أصبحت الحياة صعبة لاسيما في المناطق الجنوب شرقية من البلاد، حيث تعيش الأقلية المسلمة التي تشعر بتراجع تأثيرها ضمن مؤسسات الدولة”.
وأضاف: “كأتراك في بلغاريا، علينا أن نكافح لنكون مواطنين من الدرجة الأولى، هناك حاجة إلى خلق مزيد من الاستثمارات في منطقتنا تعيد لنا من رحل من الشباب وتعيد إعمار القرى التي جرى إفراغها من سكانها”.
وبدورها أشارت أجدة روفي إبراهيم، إحدى سكان كيرجالي، أنها تتوقع تحقيق مستقبل وحياة أفضل بعد الانتخابات، معربة عن أملها في “عودة أقاربها الذين سافروا إلى الخارج”.
وقالت: “نتوقع أن يحدث تحسن ملحوظ في الأوضاع الاقتصادية وأن يتم خلق المزيد من فرص العمل وتحقيق حياة كريمة للشباب”.
أما الصحفي مزكي أحمد، من سكان كيرجالي، فأوضح أن “الأتراك الذين يعيشون في بلغاريا يتوقعون تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات، تعمل على حماية حقوق الإنسان وضمان تحقيق العدالة”.
*أزمة حقيقية في بلغاريا
من جهته، رأى زعيم “حركة الحقوق والحريات”، مصطفى قره دايي، الذي يجري حملته الانتخابية تحت شعار “فلنعد نظام الدولة”، أن “الدولة والديمقراطية في بلغاريا تشهد أزمة حقيقية، وأن الدولة البلغارية تعيش تراجعًا مستمرًا منذ 10 سنوات”.
واتهم قره دايي، في حديثه للأناضول، “بوريسوف”، الذي شغل منصب رئيس الوزراء لثلاث فترات في السنوات العشر الماضية، بأنه “يعمل على القضاء على أجهزة ومؤسسات الدولة لصالح بناء نظام استبدادي”.
ولفت قره دايي إلى “وجود حربٍ بين مؤسسات الدولة في بلغاريا، لاسيما بين مؤسستي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء”، مضيفا أن “بوريسوف يعمل بشكل مستمر على ازدراء وإضعاف البرلمان وعدم المشاركة في جلساته وأدى إلى إصابة الدولة بحالة انهيار مستمر وتدهور اقتصادي”.
وأشار قره دايي إلى أن ديون الدولة تتزايد بسرعة أيضًا، وقال: “في عام 2009، عندما تولى بوريسوف السلطة، كانت ديون بلغاريا نحو 1.5 مليار يورو، وفي سبتمبر 2020، بلغ الدين حوالي 21.5 مليار يورو”.
واستطرد: “هذا يعني أن بوريسوف وعلى مدى 10 سنوات، لم يمتثل للأسس الديمقراطية للبلاد والدستور، وتسبب في تراكم ديون بأكثر من 20 مليار يورو.. سيدفع أبناؤنا وأحفادنا هذه الديون”.
* التصويت لبلغاريا متقدمة وديمقراطية
وأكد قره دايي أن “حركة الحقوق والحريات”، لم يغير أولوياته في هذه الانتخابات، وقال: “أولويتنا الأولى هي خلق بيئة نظيفة وتوفير غذاء وطاقة نظيفة، ودعم الاقتصاد الأخضر، وأولويتنا الثانية هي مواكبة التطور الحاصل في التقنيات العالية، والثالثة هي ضمان مشاركة المواطنين النشطين في العملية السياسية”.
ورأى قره دايي أن “بلغاريا أضاعت 4 سنوات من تاريخها بعد دخول المتطرفين في الائتلاف الحكومي”، وأنها لم تتمكن من “تحقيق قرارات المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي، فيما يتعلق بالميثاق الأخضر، والرقمنة، والمجتمع المدني”.
من ناحيته، أعرب نائب رئيس “حركة الحقوق والحريات” رئيس بلدية كيرجالي، حسن عزيز، عن قلقه من الهجرة إلى الخارج والتي تسارعت في الآونة الأخيرة لاسيما ضمن فئة الشباب.
وقال عزيز للأناضول، إنه “في السنوات الأربع أو الخمس الماضية، غادر ما لا يقل عن 400 ألف شخص بلغاريا وذهبوا إلى دول أخرى، هؤلاء الشباب والمتعلمون يغادرون البلاد للأسف لأنهم لا يستطيعون رؤية مستقبل لهم في بلغاريا”.
وأكد عزيز أن “هذه الانتخابات مهمة للغاية لكل من بلغاريا والأقلية التركية المسلمة في البلاد”.
وتابع: “ظلت بلغاريا واحدة من أفقر البلدان في الاتحاد الأوروبي، نحن بحاجة لتغيير هذا الوضع، نحتاج إلى دعم مواطنينا في أوروبا وتركيا، نحن بحاجة للتصويت لبلغاريا لتكون دولة متقدمة وديمقراطية”.