“نزع سيادة غزة ودعم الهجرة”.. أهداف خفية لميناء واشنطن البحري
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
لم يتوقف الرئيس الأمريكي جو بايدن وأركان إدارته منذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، عن إظهار دعم لا متناه لإسرائيل، حتى بات البعض ينظر إلى واشنطن على أنها طرف أساسي بالحرب.
وعلى الرغم من تأكيد المجتمع الدولي بشكل متواصل على حجم المعاناة في غزة، إلا أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن دعم تل أبيب، لكن مفارقة ظهرت أخيرا في تصريح لبايدن، ليلة الجمعة، قال فيه إنه سيوجه الجيش الأميركي لقيادة “مهمة طارئة لإنشاء رصيف بحري مؤقت في البحر المتوسط قبالة ساحل غزة”.
وقال بايدن في خطاب حالة الاتحاد بالكونغرس، إنه سيوجه الجيش الأميركي لقيادة مهمة “طارئة” لإنشاء رصيف بحري مؤقت في البحر المتوسط على ساحل غزة، لإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، مشيرا إلى أنه “لن تكون هناك قوات أميركية على الأرض”.
الجانب الإنساني لما أعلنه الرئيس الأمريكي من وراء ذلك المخطط، هو إيصال المساعدات الإغاثية لقطاع غزة وإنشاء مستشفيات عائمة لعلاج جرحى الحرب.
لكن مراقبين يرون أن هناك جانبا آخر للميناء العائم يرتبط بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعاً إلى أوروبا، وإلغاء أي دور لمعبر رفح البري على الحدود مع مصر، ما يعني تحكم إسرائيل بكافة منافذ غزة وإنهاء أي سيادة للفلسطينيين على المعابر.
– أهداف خفية
الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، هشام خريسات، قال للأناضول، ان “الرصيف العائم على شواطئ غزة، ظاهره مساعدات وباطنه هجره طوعية إلى أوروبا”.
وأضاف خريسات: “هذا الرصيف تقدّر تكلفته الأولى بـ35 مليون دولار ستدفعها الولايات المتحدة، وعمق الغاطس للسفن بالرصيف لن تقل عن 17 متراً؛ لاستيعاب جميع سفن المساعدات”.
وتابع: “هذا الميناء التكتيكي العسكري سيلقى مباركة إسرائيلية؛ لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتطلع إلى فكرة طرحه منذ بداية الحرب، بهدف التهجير الطوعي للغزيين، والهروب إلى أوروبا”.
وذكر أنه “ستكون مساحة الميناء 6 كيلو مترات مربعة لأنه سيضم مشافي عائمة تعالج نحو 2.3 فلسطيني مدني في غزة، بالإضافة لبيوت إيواء عائمة بسفن جنباً إلى جنب مع المشافي”.
واعتبر أن فكرة إنشاء الميناء “ليست جديدة”، لافتاً إلى أنه “موضوع قديم جديد طُرح قبل 10 أعوام”.
واستدرك: “لكن أفيغدور ليبرمان (رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني المتطرف) أفشل الفكرة، عندما كان وزيرا للدفاع في ذلك الوقت، ووزير المواصلات يسرائيل كاتس”.
ومضى الخبير بالشؤون العسكرية والاستراتيجية: “أعاد كاتس طرح الفكرة مرة أخرى، وتوصل إلى اتفاق ومباركة من قبرص (الرومية) واليونان”.
وبين أنه “سيتم تخصيص ميناء بقبرص مدفوع الأجر من الولايات المتحدة، بحيث يصل إلى موقع الميناء على شاطئ مدينة خانيونس على سواحل غزة”.
وأوضح بأن “المسافة من ميناء قبرص إلى الميناء الأمريكي في غزة تقدر بـ387 كيلو مترا”.
ولفت خريسات إلى أن “الشيء المهم هو أن جميع السفن التي ترسل المساعدات الإنسانية لا تذهب إلى الميناء الأمريكي بغزة مباشرة، بل ستذهب إلى ميناء أسدود ليتم تدقيقها وفحصها ثم ترسل تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية والمسيرات إلى القطاع الفلسطيني”.
وقال: “الجيش الأمريكي سيبقى بالبحر، وسيشرف من بعيد على الميناء؛ لأنه يعتبر غزة بيئة معادية له”.
“الحمولة للسفن من ميناء قبرص إلى اسدود ستكون تحت رقابة سلاح البحرية والأقمار الصناعية الإسرائيلية، وسيمنع وقوفها تحت أي ظرف من الظروف”، خريسات متابعاً.
– مخاوف آنية ومستقبلية
ويرى الخبير الاستراتيجي الأردني، أن “بايدن قلق جداً مما سينتج من اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح جنوبي القطاع، ومن عدم إنهاء الكارثة الإنسانية بغزة، الأمر الذي سينعكس على نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة”.
واستطرد “لذلك سيسارع في بناء الميناء وسلاح المهندسين الأمريكي بدأ بالفعل التحضر للتوجه إلى غزة”.
وتوقع بأنه “لن يكون هناك نشر لقوات أمريكية في غزة، ولكن سيكون هناك وكالات دولية تكون مهمتها الإشراف على إيصال المساعدات”.
وأردف “ستشحن المساعدات من مطار لارنكا بقبرص الرومية، وهو مركز الإغاثة الرئيسي”.
وختم الخبير الأردني حديثه بالتأكيد على أن “إسرائيل ستوافق على الميناء لسببين، وهما تمرير صفقة تبادل الأسرى، والهجوم البري على رفح بدون إغضاب واشنطن”.
وبذلك، فإن “معبر رفح سيخرج عن الخدمة بالتأكيد؛ لأن إسرائيل لا تثق به، وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة حركة حماس”.
وخلال الأشهر الماضية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع صرح نتنياهو، بأن الهجوم على مدينة رفح السيطرة على محور فيلادلفيا (الحدود بين غزة ومصر) هي “مفتاح النصر”، حيث ترى إسرائيل أن الفصائل الفلسطينية تحصل على سلاحها من خلال تهريبه من الجانب المصري، وهو ما نفته القاهرة في أكثر من مناسبة.
ويعتبر معبر رفح هو المنفذ الوحيد لغزة مع العالم الخارجي، وخاصة في مسألة دخول المساعدات الإنسانية إليه خلال هذه الحرب التي قيدت فيها إسرائيل دخول المساعدات للقطاع ما يهدد بحدوث مجاعة خاصة في مناطق الشمال.
وكان تنقل الأفراد والبضائع من وإلى القطاع يتـم عبر 6 معابر؛ وهي: بيت حانون (إيرز)، وكارني، وناحل عوز، وكرم أبو سالم، وصوفا، بالإضافة إلـى معبر رفح على الحدود مع مصر.
وبعد الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة منذ العام 2007، أغلقت جميع المعابر ما عدا معبري رفح وبيت حانون اللذين خصصا لتنقل الأفراد، ومعبر كرم أبو سالم الذي خصص لنقل البضائع.
وتصاعدت أخيرا التحذيرات الإقليمية والدولية بشأن القصف الإسرائيلي على مدينة رفح مع الاستعداد لاجتياحها بريا، وخطورة ذلك على مئات آلاف النازحين الذين لجأوا إليها باعتبارها آخر ملاذ لهم أقصى جنوب القطاع.
فيما تشير تقديرات دولية إلى وجود ما بين 1.2 إلى 1.4 مليون فلسطيني في رفح بعد أن أجبر الجيش الإسرائيلي منذ بداية توغّله البري بالقطاع في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مئات آلاف الفلسطينيين شمالا على النزوح إلى الجنوب، مدّعيا أنه “منطقة آمنة”، وهو ما ثبت عدم صحته مع سقوط آلاف القتلى والجرحى في الجنوب، بينهم نازحون.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”