أخبار تركيا الدوليةالأرشيف

تركيا ومصر.. علاقات تاريخية ومصير مشترك

تركيا ومصر.. علاقات تاريخية ومصير مشترك

شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية  :

تجمع تركيا ومصر البلدان المهمان في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، علاقات تاريخية عميقة الجذور، تستند إلى ميراث كبير من التاريخ والثقافة، والتعاون البناء والسعي المتكرر لدفع العلاقات للأمام وتجاوز أي تباينات، وفق بيانات رسمية ومعلومات تاريخية.

وتتوج تلك العلاقات التاريخية، السبت، بزيارة مولود تشاووش أوغلو، إلى مصر، تلبية لدعوة نظيره سامح شكري، في زيارة هي الأولى من نوعها لوزير خارجية تركي منذ 11 عاما في إطار بحث العلاقات وقضايا دولية وإقليمية.

وترصد “الأناضول” محطات لافتة في تاريخ البلدين وعلاقتهما على النحو التالي:

مهد تاريخي للسلام

وذاكرة التاريخ ترصد جذور تلك العلاقات العميقة الضاربة في القدم، عبر أقدم معاهدة في تاريخ الإنسانية، التي جمعت الدولة الحثيّة في الأناضول والفرعونية بمصر، ووقعها ملك الحثيين خاتوشيلي الثالث والملك، رمسيس الثاني بعد معركة قادش عام 1274 قبل الميلاد.

وعثر على تلك المعاهدة التي دونت على لوح حجري باللغة الحثّيّة، في المعبد الكبير في “خاتوشا” عاصمة الإمبراطورية الحيثية القديمة (تقع حاليا وسط تركيا)، ولا تزال محفوظة في متحف إسطنبول، ولها نسخة سجلت باللغة الهيروغليفية بجدران معبدين في مدينة الأقصر جنوبي مصر.

تراث مشترك وروابط متينة

وفي العصر العثماني بمصر (1517-1805)، كانت القاهرة لها وضعها الخاص والمتميز لفترات طويلة، ولا تزال الآثار العثمانية شاهدة على ما جمع تركيا ومصر من تراث مشترك، لاسيما عبر منزل علي لبيب، ومساجد “سليمان باشا” و”يوسف أغا الحين”، و”سنان باشا” و”سيدي عقبة بن عامر” وغيرهم.

وجاور أغلب المساجد التي شيدت في مصر بالعصر العثماني، مدرسة وضريحا ومستشفى وسبيلا.

واتجهت مصر لترميم آثارها بهذا العصر، ومنها مدينة بلاط الأثرية بمحافظة الوادي الجديد، وكانت هناك مشاورات في 2012 بين مصر وتركيا لترميم آثار عثمانية.

وليست الآثار فحسب ما تنير تلك الفترة من العلاقات، لكن أيضا على مستوى “الروابط الشعبية” القوية، فكان هناك تواجد لافت للأتراك بمصر، يقدر ما بين 20 إلى 30 ألفا، وفق تعداد غير رسمي يعود لعام 1833، فضلا عن زوار كثيرون بينهم مشاهير من المصريين لإسطنبول.

تاريخ “أقرب الأصدقاء”

وتتواجد مقابر للشهداء الأتراك في مصر داخل فناء واسع بحي مدينة نصر شرقي القاهرة، ونصب تذكاري يحمل أسماء 4500 شهيد من الضباط والجنود الأتراك الذين ارتقوا دفاعا عن فلسطين خلال الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918).

ويحيي سنويا عدد من أبناء الجالية التركية والممثلين الدبلوماسيين والعسكريين لأنقرة في القاهرة، “يوم الشهيد” بمقابر الشهداء الأتراك بالعاصمة المصرية، والذي يوافق يوم 18 مارس/آذار من كل عام.

وتبادلت مصر وتركيا التمثيل الدبلوماسي عام 1925 على مستوى القائم بالأعمال، ورفعتها إلى مستوى السفراء في 1948.

وشهدت العلاقات الدبلوماسية تباينات في فترات ما بين الستينات والثمانيات، قبل أن تعود مشاوراتها في 1988، عندما “طلبت مصر من اللجنة المصرية التركية وضع مقترحات لتحقيق المصلحة المشتركة للبلدين”، وفق ما تذكره صحيفة المصري اليوم (خاصة).

وفي فترة التسعينات، شهدت العلاقات المصرية التركية تطورا بعد زيارة رئيس الوزراء التركي آنذاك نجم الدين أربكان إلى مصر عام 1996 ووافقت القاهرة على طلبه بالانضمام لمجموعة الثمانية الإسلامية وحضرت أول قمة لها في إسطنبول في يونيو 1997.

وعقب زلزال شهدته تركيا في 1999، تحركت مصر بقوة لدعم تركيا، وقدمت مساعدات طبية وغذائية وإيوائية كبيرة لها.

وتطورت العلاقات بعهد الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981: 2011) وزار عبد الله غول رئيس الوزراء التركي آنذاك القاهرة في يناير/ كانون الثاني 2003، ووقع البلدان اتفاق التجارة الحرة في ديسمبر/ كانون أول 2005.

وتوجت العلاقات بزيارة مبارك لتركيا عام 2009 ولقاء نظيره التركي عبد الله جول ورئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، وسط حديث للخارجية المصرية وقتها بالسعي لتطوير علاقات البلدين على كافة الأصعدة خاصة الاقتصادية، وتثمين وزارة الصناعة بمصر للشراكة “المهمة” مع تركيا.

وفي 2010، افتتحت تركيا في مصر معهد يونس إمرة الثقافي.

وبعد ثورة يناير 2011 بمصر، وصل غول، للقاهرة، في مارس/آذار من العام ذاته ليكون أول رئيس يزور مصر بعد تنحي مبارك، كما كانت مصر هى أول دولة عربية يزورها عقب انتخابه رئيسا لتركيا عام 2007.

ووصف غول مصر آنذاك “بأنها شقيقة، وبأنها أقرب الأصدقاء لتركيا”.

وتأكيدا على مكانة علاقات البلدين، زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في 12 سبتمبر 2011، مصر، بأول زيارة خارجية له عقب فوزه في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في يونيو/ حزيران 2011، مصطحبا وزراء ورجال أعمال بهدف تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

ومع انتخاب محمد مرسي، رئيسا لمصر، في صيف 2012، كانت علاقات البلدين في أوجهها، وقام الرئيس المصري بزيارة لتركيا في 30 سبتمبر/ أيلول 2012، وألقى كلمة تبرز رغبة القاهرة في دعم التعاون بين البلدين.

وتلاها زيارة وزير خارجية مصر آنذاك، محمد كامل عمرو في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، لبحث تعزيز التعاون، والترتيب لزيارة رئيس وزراء تركيا للقاهرة، والتي تمت بالشهر ذاته.

روابط لم تنقطع

وعقب الإطاحة بمرسي من حكم البلاد في صيف 2013، لم تنقطع العلاقات وبقيت في مستوى قائم بالأعمال وسط استمرار التعاون الاقتصادي بشكل قوي وكافة المسارات الثقافية.

وتقول الخارجية التركية عبر موقعها بشأن العلاقات السياسية بين البلدين: “تم الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر بشكل متبادل على مستوى القائم بالأعمال منذ عام 2013، وعقد اجتماعات قصيرة بين وزيري خارجية البلدين في مناسبات مختلفة، وتواصل سفارة مصر في أنقرة وقنصليتها في إسطنبول وسفارة تركيا في القاهرة وقنصليتها بالإسكندرية أنشطتها دون انقطاع”.

كما “تم الحفاظ على الروابط الاقتصادية والاجتماعية العميقة الجذور بين البلدين، والتي تدعمها تراث تاريخي مشترك، فيما لا يزال حوالي 3500 مواطن يقيمون في مصر، التي تعد أكبر شريك تجاري لتركيا في القارة الإفريقية فضلا عن عقد لقاءات متكررة بين رواد الأعمال الأتراك والمصريين”، وفق الخارجية.

وفي يونيو/ حزيران 2016، قال رئيس الوزراء التركي آنذاك بن علي يلدريم، إنه لا مانع من تطوير العلاقات الاقتصادية بين تركيا ومصر وعقد لقاءات بين مسؤولي البلدين

وعاد يلدريم مؤكدا ذلك في أغسطس/آب 2016: بقوله: “تؤيد تركيا تطوير العلاقات مع مصر”، تعليقا على حديث الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي إنه “لا يوجد أي أسباب للعداء بين شعبي مصر وتركيا”، والذي تلا ترحيب الخارجية المصرية، بأي “جهد حقيقي وجاد للتقارب مع تركيا”.

من مسار تشاوري لقمة تاريخية وزيارة فارقة

واستمرت العلاقات المصرية التركية، حتى لاح في الأفق تحول إيجابي، مع إجراء مصر وتركيا في مايو/أيار وسبتمبر/أيلول 2021، أكثر من جولة لـ”محادثات استكشافية” بينهما، بشأن تباينات منذ 2013.

وزار وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين نباتي القاهرة في يونيو/ حزيران 2022 للمشاركة في الاجتماع السنوي للبنك الإسلامي للتنمية، وكان أول وزير تركي يزور مصر منذ 9 سنوات.

وفي 23 أغسطس/آب 2022 انطلق اجتماع نظمته وزارة التجارة التركية في القاهرة بين رجال أعمال أتراك ومصريين، وسط ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 85 بالمئة خلال الربع الأول 2022 مسجلا 2.5 مليار دولار مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2021 بـ 1.3 مليار دولار.

قبل أن تترجم مسارات التشاورات والتقارب فعليا إلى قمة تاريخية عقب لقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بنظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، على هامش مونديال قطر أواخر نوفمبر 2022، والتي عدتها الرئاسة المصرية “بداية لتطوير العلاقات”.

وتواصلت التصريحات الإيجابية المرحبة بدفع العلاقات لمستوى أكبر بين البلدين، وتوجت عقب زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي في تركيا وسوريا، باتصال من الرئيس المصري بالرئيس أردوغان، وزيارة وزير خارجية مصر، سامح شكري لأنقرة في 27 فبراير/ شباط الماضي مع توالي إرسال القاهرة مساعدات إغاثية وإيوائية وطبية إليها.

وعقب لقاء مع نظيره المصري، قال وزير خارجية تركيا، مولود تشاووش أوغلو: “مصر بلد مهم بالنسبة لمنطقة البحر المتوسط وللعالمين العربي والإسلامي، ومن مصلحتنا جميعًا أن تكون مصر قوية”.

وفيما أكد تشاووش أوغلو أن “تطور العلاقات بين تركيا ومصر يصب بمصلحتهما وينعكس إيجابا على استقرار ورخاء المنطقة”، شدد شكري على أن “مصر ستبقى بجانب شقيقتها تركيا والعلاقات بين البلدين سترتقي لأفضل مستوى”.

 

صفحتنا على فيس بوك

لمتابعة صفحتنا على تويتر

لمتابعة قناتنا والاشتراك بها على يوتيوب

لمتابعة قناتنا على تلغرام و الاشتراك بها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى