باحث فرنسي يسلط الضوء على إسهامات المسلمين في تاريخ البلاد
باحث فرنسي يسلط الضوء على إسهامات المسلمين في تاريخ البلاد
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
قال جمال الحمري، الباحث المتخصص في الشؤون الإسلامية في المعهد الكاثوليكي بباريس، إن السياسيين والإعلام في فرنسا يبرزون المسلمين في البلاد على أنهم مصدر للمشاكل، موضحا أنه نظم معرضا يسلط الضوء على تاريخ المسلمين، ومساهماتهم الإيجابية في المجتمع الفرنسي قديماً وحديثاً.
وتصاعدت الممارسات والخطابات المعادية للإسلام في المجتمع الفرنسي مع انخفاض شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي اتبعها في السنوات الأولى لرئاسته ومع صعود الشعبوية واليمين المتطرف.
وتأثرت حياة المسلمين والنساء المحجبات في فرنسا مع دخول قانون “الانفصالية” حيز التنفيذ، والذي انتقده خبراء فرنسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان لأنه يمهد الأرضية القانونية لمعاداة الإسلام في فرنسا.
وأعد الفرنسي فرانسوا بورغات، المختص بالعلوم السياسية ومدير قسم الأبحاث في معهد أبحاث ودارسات العالم العربي والإسلامي، والإنجليزي ريان فريش، الباحث في مؤسسة “cage” بإنجلترا، بإعداد تقرير مشترك بعنوان “بدأنا نشر الإرهاب: اضطهاد المسلمين في فرنسا من قبل الدولة”.
وأوضح الباحثان في التقرير أن المسلمين في فرنسا يواجهون اضطهادًا من قبل الدولة نفسها، وأن الحكومة الفرنسية تمارس ضغوطًا مكثفة على المجتمع المسلم في البلاد.
ووفق التقرير فإنه في الفترة بين فبراير/ شباط 2018 ويناير/ كانون الثاني 2022 تمت مداهمة وتفتيش ما يقرب من 25 ألف مسجد ومدرسة وجمعية ومكان عمل تابعة للمسلمين، وأُغلق 718 منها.
وفي تصريحات للأناضول على هامش معرض تاريخ المسلمين في فرنسا، الذي نظم مؤخرا، قال الحمري المتخصص في الشؤون الإسلامية والباحث في المعهد الكاثوليكي بباريس إن مساهمات المسلمين في التاريخ الفرنسي لم تكن معروفة جيداً لفترة طويلة.
وأوضح الحمري أن المعرض يتناول تاريخ المسلمين منذ عام 711 م وحتى الآن، ويبرز مساهمات العلماء المسلمين في فرنسا والغرب بأكمله، وكيف يُنظر للمسلمين وصورة النبي محمد في فرنسا، والاتفاق بين السلطان العثماني سليمان القانوني وفرانسوا الأول ملك فرنسا والعلاقات الفرنسية مع الدول الإسلامية، والاستعمار الفرنسي والاستشراق والجنود المسلمين الذين وقفوا إلى جانب فرنسا في الحربين العالميتين الأولى الثانية.
وأشار إلى أنهم فضلوا إدراج صورة السلطان سليمان القانوني والملك الفرنسي فرانسوا على غلاف المعرض، مبينا أن الفرنسيين يلقبون السلطان سليمان القانوني بسليمان العظيم وأن له تأثيرًا على المجتمع الفرنسي.
وتابع: ” نحن بحاجة إلى صورة الحوار هذه وبحاجة إلى الأخوة والتغلب على الخلافات للدفاع عن المصالح المشتركة. ولذلك فضلنا اختيار هذه الصورة للغلاف”.
ولفت الحمري إلى أنه يمكن ملاحظة الآثار الإيجابية للإمبراطورية العثمانية في كتابات الكاتب المسرحي الفرنسي موليير في القرن السابع عشر الميلادي.
وذكر أنه يمكن رؤية تأثير الإمبراطورية العثمانية في مختلف المجالات الثقافية الفرنسية، موضحا أن المعرض لاقى اهتماماً وإقبالاً كبيرين في العديد من المدن الفرنسية مثل باريس وليون وبوردو ومانت لا جولي.
وأكد أن المعرض يقدم تاريخًا للمواطنين بهدف تعليمهم، وأنه معرض علمي حول تاريخ فرنسا، وليس معرضًا سياسيًا أو أيديولوجيًا أو دينيًا.
وأفاد أنه تلقى دعوات لشرح ورواية هذا التاريخ في المدارس، مشيراً إلى أن الناس يشكرونهم لإقامتهم هذا المعرض، في وقت يتعرض فيه المسلمون للتمييز بسبب دينهم ضمن أجندة سياسية مضرة.
إبراز أسماء من كان لهم مساهمات في فرنسا من المسلمين
وقال الحمري إنهم أعدوا هذا المعرض لرواية التاريخ بشكل مستقل عن الوضع السياسي الحالي، ولكنه “مثل فرصة جيدة للرد على الخطابات الأيديولوجية الموجهة ضد المسلمين”.
واستطرد: ” المسلمون لهم إسهامات إيجابية في المجتمع الفرنسي، ولكن للأسف يتم تصوير الإسلام والمسلمين في الإعلام والسياسة على أنهم مصدر للمشاكل، ودائمًا ما تُذكر الأمور السلبية عند الحديث عن الإسلام والمسلمين”.
وأردف: “أردنا التطرق لذلك في المعرض. واهتممت بتسليط الضوء على أسماء المسلمين الذين أسهموا في فرنسا بشكل إيجابي، دون أن يتم الحديث عنهم بشكل كافٍ. فهؤلاء الأشخاص كان لهم إسهامات في كتابة تاريخ فرنسا بشكل أو بآخر.”
وزاد: ” يتم تصوير المسلمين في فرنسا على أنهم مصدر المشاكل إلا أنه يمكن تناول الإسلام والمسلمين بشكل مختلف. يجب أن يحظى المسلمون بالتقدير اللازم بصفتهم مواطنون فرنسيون وعلى ضوء المساهمات القيمة التي قاموا بها. نحن أردنا إظهار ذلك.”
وأوضح أن هناك مسلمون فرنسيون الآن يساهمون في التاريخ الفرنسي ولا بد من إبرازهم في السياسة والإعلام الفرنسي مثل لاعبي كرة القدم كريم بنزيمة وزين الدين زيدان وبول بوجبا ونغولو كانتي، ونائبة رئيس مجلس الشيوخ باريزة خياري والممثل عمر سي.
السياسيون يستخدمون الإسلام والمسلمين أداة سياسية
وبخصوص الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 10 أبريل/ نيسان الجاري، قال الحمري إن معظم الفرنسيين يشعرون بخيبة أمل من الجدل الدائر حول الانتخابات الرئاسية.
وأردف: “نرى أن الإسلام والمسلمين يمثلون الشغل الشاغل للمرشحين. مع أن الشيء المهم الذي يؤثر على حياة الفرنسيين ويجب التحدث عنه هو القوة الشرائية والتنمية وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية إلا أنهم لا يتطرقون إلى ذلك”
وأضاف أن السياسيين يستخدمون الإسلام والمسلمين كأداة سياسية لمخاطبة قطاع معين بالشعب الفرنسي من أجل حصد أصواتهم في الانتخابات، مؤكداً على ضرورة الرد على هؤلاء السياسيين.