خبراء: تلوث الهواء يهدد الحياة في جنوب آسيا
خبراء: تلوث الهواء يهدد الحياة في جنوب آسيا
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
رغم بعض الخطوات الإيجابية نحو الحد من انبعاثات الكربون، لا يزال تلوث الهواء يمثل مشكلة خطيرة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في قارة آسيا التي تستضيف العشر مدن الأكثر تلوثًا في جميع أنحاء العالم.
ووفقًا للتقارير والتصنيفات العالمية حول سوء جودة الهواء، تتصدر الدول الآسيوية، وخاصة تلك الموجودة في جنوب آسيا، القائمة ويلاحظ الخبراء أن هذا ناتج عن دوافع بشري مثل الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري.
وقال شبيان راها، كبير المنظمين الرقميين في جنوب آسيا لمنظمة “350.org” وهي منظمة بيئية دولية تهتم بأزمة المناخ، في حديث لوكالة الأناضول، إن حرق الكتلة الحيوية والبلاستيك يلعب دورًا في انخفاض جودة الهواء في القارة، بالإضافة إلى اللوائح المتساهلة بشأن الانبعاثات الصناعية، ولكن أحد الأسباب الرئيسية هو اعتماد المنطقة على الوقود الأحفوري، وخاصة الفحم لإنتاج الكهرباء.
وأضاف: “آسيا تستضيف المدن العشر الأكثر تلوثًا في جميع أنحاء العالم، مع أعلى تركيز لجزيئات PM2.5 الخطرة. وبالإضافة إلى التصنيع السريع والتوسع الحضري والازدحام، أصبح تلوث الهواء تهديدًا كبيراً لصحة الإنسان في المنطقة”.
وأشار إلى آثار التطورات السريعة في المدن الآسيوية التي أدت إلى تصاعد تلوث الهواء في العقود الأخيرة، مستشهداً بتقارير منظمة الصحة العالمية التي تحدثت عن أن ثلثي السبعة ملايين شخص الذين يموتون بسبب تلوث الهواء كل عام هم من قارة آسيا.
** ثاني أهم عامل خطر على الصحة
وتطرق راها إلى تقرير جودة الهواء للعام الماضي الذي أظهر أنه من بين أعلى 50 مدينة في العالم ذات جودة الهواء الأكثر سوءاً، توجد 42 مدينة في جنوب آسيا، مشدداً على أن هناك حاجة إلى خطوات واعدة فيما يتعلق بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، باعتبار تلوث الهواء أصبح ثاني أهم عامل خطر على الصحة في جنوب آسيا.
وقال: “يتعين على الحكومات في جنوب آسيا التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري – الفحم والغاز والنفط – لتجنب الأزمة المزدوجة من تلوث الهواء وتغير المناخ”.
وأشار إلى أن بنغلاديش، على سبيل المثال، “تعاني من أعلى مستويات تلوث الهواء في العالم”، وأن عاصمتها دكا “تواجه تحديات تلوث هواء هائلة”.
وقال إن “هذا يرجع إلى زيادة عدد المركبات، والمستويات العالية من أعمال البناء التي تعتمد على استخدام الأخشاب والأفران التي تعمل بالفحم لصناعة الطوب، فضلاً عن وجود محطات طاقة تعمل بالفحم في البلاد”.
وعلى الرغم من بعض التطورات الإيجابية والالتزامات بشأن هذه القضية، أشار راها إلى أن دولًا مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية تواصل تمويل محطات طاقة خارجية (في دول أخرى) تعمل بالفحم.
وفي إشارة إلى أن استخدام الوقود الأحفوري يعد عاملاً مشتركاً في زيادة تلوث الهواء بشكل عام، شدد راها على أن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة سيلعب دورًا كبيرًا في التقليل من “الأزمة” في المنطقة.
** دور صناعات التعدين والنفط والغاز
وفي حديثها لوكالة الأناضول، أشارت سيسيليا نورمالا ديوي، قائدة فريق إندونيسيا في منظمة “350.org”، إلى أنه بالإضافة إلى حرق الوقود الأحفوري، تلعب بعض مشاريع التطوير التي تقودها صناعات التعدين والنفط والغاز أيضًا “دورًا مهمًا” في جودة الهواء في آسيا بشكل عام وإندونيسيا بشكل خاص.
وأكدت أن الوضع يتفاقم بسبب قضايا أخرى مثل الكثافة السكانية العالية في المدن الكبيرة مثل جاكرتا، حيث تتجاوز مستويات تلوث الهواء باستمرار مستويات السلامة التي حددتها منظمة الصحة العالمية، كما يوجد عدد كبير نسبيًا من المركبات التي تعمل بالديزل.
ونوهت إلى أن حرائق الغابات والحرائق الناجمة عن عملية تطهير أراضي مزارع زيت النخيل تؤدي أيضًا إلى تفاقم جودة الهواء السيئة، ولها آثار كارثية على الصحة في إندونيسيا والبلدان المجاورة.
وأشارت ديوي إلى أنه “من المقدر أن مستويات جودة الهواء الحالية ستقلل متوسط العمر المتوقع للإندونيسيين بمقدار 2.5 سنة في المتوسط، ومن 7 إلى 8 سنوات لسكان جاكرتا”.
وأكدت مجددًا أن تهديد تلوث الهواء على صحة الإنسان كان دائمًا يمثل مشكلة لعقود من الزمن، مشيرة أن تلوث الهواء أصبح مؤخرًا أكثر انتشارًا في المراكز الحضرية، “حيث أدت الهجرة الداخلية والديناميكيات الاقتصادية إلى زيادة كبيرة في عدد سكان المناطق الحضرية والتوسع في المدن حول العالم”.
** الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري
وقالت ديوي إنه في حين أن بنغلاديش وباكستان لديهما أسوأ جودة هواء في آسيا وحول العالم، فإن العاصمة الإندونيسية جاكرتا تصنف باستمرار على أنها واحدة من أكثر المدن تلوثًا في آسيا.
وأكدت أن هناك حاليًا 10 محطات طاقة تعمل بالفحم في جاكرتا وما حولها، وإلى جانب التأثيرات الكبيرة على جودة الهواء، فإن هذا يؤثر أيضًا سلبًا على الزراعة وصيد الأسماك وأنشطة العمل الأخرى.
وأضافت: “أولا وقبل كل شيء، يجب على الدول التحول من الاقتصادات التي تعتمد على الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة القائمة على الطاقة المتجددة”.
وفي إشارة إلى دول مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، التي تواصل دعم مشاريعها الخارجية لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم، ولا سيما في البلدان النامية مثل إندونيسيا وبنغلاديش، أكدت ديوي أن هذا يجعل من الصعب على تلك البلدان التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وأضافت: “طالما استمرت الحكومات والمؤسسات المالية في الدول الغنية في آسيا بتمويل تطوير الوقود الأحفوري في أماكن أخرى، فسيكون هناك قيود على المحفزات للحكومات لسن سياسات الطاقة التحويلية في الداخل”.
واعتبارًا من 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري في تمام الساعة 06:00 بتوقيت غرينتش، تألفت قائمة العشر الدول الأكثر تلوثاً من جميع مدن جنوب آسيا – ثلاثة من كل من الصين والهند، واثنتان من باكستان، وواحدة من كل من أفغانستان وفيتنام، وفقًا لمنظمة “AirVisual” ومقرها سويسرا، التي تعنى بتصنيف مدن العالم وفقًا لمؤشر جودة الهواء.