تحالف أوكوس .. طعنة في ظهر فرنسا أم حرب باردة مع الصين؟
تحالف أوكوس .. طعنة في ظهر فرنسا أم حرب باردة مع الصين؟
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
اتهمت فرنسا، أستراليا والولايات المتحدة بـ”الكذب”
على خلفية إلغاء كانبرا صفقة الغواصات المبرمة عام 2016 مع شركة فرنسية، قائلة إن ما حدث يمثل “أزمة خطيرة” بين الحلفاء.
وأفاد موقع “فرانس 24” المحلي أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، لم يبد أي مؤشر على استعداد باريس لبحث تهدئة الأزمة، خلال حديثه إلى قناة “فرانس 2″، السبت.
وأضاف الموقع الفرنسي أن لودريان “استخدم لغة غير دبلوماسية واضحة تجاه أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، التي تعد أيضا جزءا من الاتفاقية الأمنية الثلاثية
وقال بيتر ريكتس، السفير البريطاني السابق لدى فرنسا، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إن الأزمة الحالية “ليست مجرد خلاف دبلوماسي، واستدعاء السفيرين هو غيض من فيض”.
وأضاف: “لدى فرنسا شعور عميق بأنها تعرضت لخيانة؛ فالمشكلة ليست صفقة أسلحة فحسب”.
وأوضح أن “فرنسا كانت تقيم شراكة استراتيجية مع أستراليا، والأستراليون ضربوا بهذه الشراكة عرض الحائط وتفاوضوا من وراء فرنسا مع الحليفين في الناتو (حلف شمال الأطلسي)، الولايات المتحدة وبريطانيا، واستعاضوا عن تلك الصفقة بأخرى مختلفة تماما”.
حرب باردة مع الصين
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن صفقة الغواصات النووية التي عقدتها أستراليا مع الولايات المتحدة وبريطانيا ستعود بالفائدة على الدول الثلاث، لكنها -في المقابل- ستؤدي إلى زيادة حدة التوتر المتصاعد بينها وبين الصين.
وأشارت الصحيفة -في افتتاحيتها- إلى أن توقيت الصفقة -التي قدمتها الدول الثلاث على أنها اتفاقية للدفاع، وأطلق عليها اسم “أوكوس” (Aukus)- يخدم الرئيس الأميركي جو بايدن، إذ تأتي بعد كارثة الانسحاب من أفغانستان، وتؤكد التزامه بعقد تحالفات إقليمية لمواجهة الصين، التي يرى فيها التهديد الجيوسياسي الأبرز لمصالح الولايات المتحدة.
وذكّرت بأن الاتفاقية الأمنية تأتي في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لاستضافة قمة رباعية الأسبوع المقبل أطلق عليها اسم “الناتو الآسيوي”، وتضم كلا من الهند واليابان وأميركا وأستراليا بهدف الحد من نفوذ الصين في المنطقة.
وقالت فايننشال تايمز إن تزويد أستراليا -الحليف الرئيسي للولايات المتحدة والقريبة جغرافيًّا من الصين- بغواصات نووية متطورة وصواريخ بعيدة المدى يأتي في إطار تصدي أميركا للتهديد الذي تشكله الغواصات النووية الـ14 التي تنشرها بكين في النقاط الإستراتيجية الساخنة وطرق التجارة الرئيسية في المحيطين الهندي والهادي.
استنكرت بكين تحالف “أوكوس” الجديد لتشارك التكنولوجيا العسكرية ما بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، الخميس، واعتبرتها تهديدا للسلام في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وانتقدت بكين على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، تشاو ليجيان، الاتفاق الثلاثي، ووصفه الأخير بأنه ليس سوى انعكاسا لـ”عقلية الحرب الباردة (..) منتهية الصلاحية ونظرة جيوسياسية ضيقة الأفق”.
مصير الاتحاد الاوروبي
التحالف الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا حمل اسم “أوكوس”، وظهر للعلن بعد مفاوضات سرية، تم استبعاد فرنسا منها.
وجرى الكشف عن هذا التحالف عشية إعلان الاتحاد الأوروبي استراتيجيته لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، مما دفع محللين إلى التساؤل عما إذا كان “أوكوس” سيقوض الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه يظهر أن واشنطن منحازة للندن، التي انفصلت عن الاتحاد.
وجاء التحالف وسط منافسة متزايدة بين القوى العظمي مع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأعقب سحب واشنطن قواتها من أفغانستان وبطارياتها الدفاعية من السعودية، للتركيز أكثر على تلك المنطقة في مواجهة بكين.
إلغاء صفقة الغواصات مع فرنسا واستبعادها من تحالف “أوكوس” يمثل انتكاسة كبيرة لاستراتيجية باريس في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، المبنية على شراكات مع الهند وأستراليا، ويهددان صفقات أخرى موقعة أو تعمل شركات دفاعية فرنسية على الاستحواذ عليها في المنطقة، لا سيما مع الهند واليابان.
وتعبيرا عن غضبها، ألغت فرنسا “حفل صداقة” مع الولايات المتحدة كان مقررا بواشنطن، في 17 سبتمبر الجاري، وهي الذكرى السنوية الـ240 لمعركة “تشيزبيك”، التي انتصرت فيها واشنطن بمساعدة البحرية الفرنسية في حرب الاستقلال ضد بريطانيا.
والجمعة، استدعت فرنسا، سفيريها لدى واشنطن وكانبرا؛ للإشارة إلى استياء باريس من قرار أستراليا فسخ صفقة الغواصات لصالح السفن الأمريكية التي تعمل بالطاقة النووية.
ووصف لودريان استدعاء سفيري بلاده لأول مرة في تاريخ العلاقات مع الدولتين، بأنها خطوة “رمزية للغاية، تهدف إلى إظهار مدى استيائنا، وأن هناك أزمة خطيرة بيننا”، مضيفا: “هناك كذب وازدواجية وتقويض كبير للثقة”.
وردا على سؤال حول سبب عدم استدعاء فرنسا لسفيرها في بريطانيا، التي كانت أيضًا جزءا من الاتفاقية الأمنية التي أدت إلى الانقسام، قال الوزير الفرنسي: “استدعينا سفيرينا في (كانبرا وواشنطن) لإعادة تقييم الوضع، لكن مع بريطانيا، ليست هناك حاجة، نحن نعلم انتهازيتهم الدائمة”.
وأشار إلى أن “حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيتعين عليه أن يأخذ في الاعتبار الأزمة الراهنة، لإعادة النظر في الاستراتيجية خلال قمة مدريد العام المقبل”.
ودخلت العلاقات بين فرنسا من جهة والولايات المتحدة وأستراليا من جهة أخرى، أزمة مفتوحة، الخميس، بعد إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات فرنسية واستبدالها بأخرى أمريكية عاملة بالوقود النووي.
وإلغاء الصفقة دفع باريس إلى وصف الأمر بأنه “خيانة وطعنة في الظهر” و”قرار على طريقة” الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي أثارت تغييراته المفاجئة في سياسته غضب أوروبا.
كما أعلن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل “يأسف” لعدم إبلاغه بشأن الاتفاقية الأمنية المبرمة بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.