الأرشيفثقاقة و فن

من النبات لورش الفنانين.. رحلة إنتاج الورق يدويا في تركيا

من النبات لورش الفنانين.. رحلة إنتاج الورق يدويا في تركيا

شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية  :

يعمل “مركز الأستانة لحفظ وترميم التراث” في تركيا على إحياء طريقة صناعة الورق يدويا من نبات الكتان ولحاء التوت والمادة الخام للحرير، وضمان نقل هذا التقليد للأجيال القادمة والمساهمة في الاقتصاد.

ومعروف أن شكل المواد المستخدمة للكتابة في العصور القديمة مثل الأحجار والعظام والمعادن والألواح الخشبية والعاج ولحاء وأوراق الشجر والأقمشة والجلد تغير كثيرًا مع بدء صناعة ورق السليلوز في الصين بعد الميلاد.

وحاول المختصون في إنتاج الورق بالطرق التقليدية الحفاظ على هذه الصناعة على مدار قرون وخاصة مع اختراع المطبعة والاتجاه إلى إنتاج الورق صناعيًا.

وتعمل ورشة إنتاج الورق اليدوي في مركز الأستانة للحفظ والترميم على نقل هذه الطريقة التقليدية في صناعة الورق إلى الأجيال القادمة.

وتعد هذه الورشة الأولى في تركيا التي توفر التدريب على إنتاج الورق يدويًا، وتقوم بإنتاج الورق من نبات الكتان ولحاء التوت والحرير عبر مراحل مختلفة.

– عملية تحول المواد الخام إلى ورق

عند إنتاج الورق من ألياف الكتان المجفف يتم في البداية تنظيف حزمة ألياف الكتان من أي مواد غريبة بداخلها للحصول على ورق نظيف.

وبعد ذلك يتم قطع الألياف بأحجام مناسبة ووضعها في مياه نقية، ثم تصفيتها ووضعها في المرجل ويضاف إليها رماد الجير. ثم يتحول الكتان إلى عجين عن طريق طرقه بمطرقة لفترة طويلة في جرن حجري كبير.

ثم يؤخذ المسحوق ويضاف إليه الماء النقي والمواد التي تضمن تماسك الورق ويتم خلط الكل في حوض كبير حتى يتسنى فتح الألياف.

وبعد الانتهاء من جميع هذه المراحل يؤخذ الورق من الحوض بمساعدة منخل للحصول على السمك المطلوب. وفي المرحلة الأخيرة يوضع الورق على قماش فوق بعضه البعض أو يتم لصقه على سطح مستوي وتركه حتى يجف.

أما صنع الورق من لحاء أشجار التوت فيتم عن طريق نقع الأغصان في المياه لفترة لتليينها، وبعدها يتم قطعها إلى أحجام متناسبة ثم وضعها في ماء مغلي كي يمكن فصل اللحاء بسهولة.

وتُفصل الطبقة الخشبية الخارجية من اللحاء وتؤخذ الألياف منها بطرق مختلفة. ثم يتم غلي هذه الألياف مع رماد الجير، وبعد تقطيعها إلى أحجام بمقاييس محددة تُسحق لفترة طويلة في جرن.

وعند صنع الورق من الحرير بعد الحصول على الحرير في شكله الخام، يُقطع إلى طبقات رقيقة ويترك ليُغلى. ثم تُضاف ألياف التوت إلى الحرير المغلي بمياه نقية، ثم يُطرق في الجرن لفترة طويلة. وبعد هذه المراحل يُعالج لحاء التوت والحرير الخام على غرار الطريقة التي يُعالج بها الكتان ويأخذ شكل الورق.

أما عن عملية صبغ الورق المصنوع يدويًا فتستخدم أصباغ جذور النباتات وأصباغ الأقمشة بعد غليها.

ومن المنتظر أن يذيع صيت الورق المصنوع بورشة الأستانة تحت العلامة التجارية أسيكا (Asika) على مستوى العالم.

– استخدام الورق المنتج في مجالات فنية مختلفة

وفي تصريحات للأناضول قالت حسيبة طوران رئيسة مجلس إدارة مركز الأستانة إن التعامل مع الورق بدأ مع إنشاء مركز الحفظ والترميم عام 2016 لإضفاء قيمة على الأعمال القديمة بترميمها وتحسينها ونقلها إلى الأجيال القادمة.

وأوضحت طوران أنهم أنشأوا ورشة تصنيع الورق اليدوي بهدف إنتاج هذه المادة في تركيا كما هو الحال في اليابان والصين وسمرقند ونيبال والهند.

وأضافت أنهم يتعاونون مع مختلف الجامعات والمتخصصين في صناعة الورق في تركيا.

وأشارت أنهم يعملون دائماً على تشجيع الطلاب الراغبين في التعلم والتطور في هذا المجال، إذ يمكنهم إنشاء ورشة لتصنيع الورق في زاوية صغيرة في منزلهم لتطوير أنفسهم وزيادة خبرتهم والانتقال بتصنيع الورق يدويًا إلى نقطة مختلفة، كما يمكنهم بذلك الحصول على مصدر دخل إضافي لأنفسهم بسهولة.

وأضافت حسيبة أنهم يرغبون في استخدام الأوراق التي يصنعونها في فنون الخط المختلفة وكذلك في إنتاج أغلفة الهدايا، والإكثار من دخول الورق في مجالات مختلفة بإنتاج نوعيات مختلفة وجميلة.

وأوضحت أنهم يعملون على المساهمة في اقتصاد البلاد وخدمة الفنون التي تستخدم الورق بتقديم مواد جديدة لها.

-إنتاج الورق المحلي

وحول أهداف المركز قالت طوران إن جميع الأوراق المستخدمة في البلاد منذ العهد العثماني، ومواد جميع الأعمال الفنية كالخط والترخيم على الورق (الإيبرو) والتذهيب تأتي من الخارج.

وأشارت أنهم يفكرون في إنتاج هذا الورق محلياً وتشكيل مصدر للدخل لأنفسهم، بصفتهم مؤسسة تعمل على خلق الوعي بأهمية إنتاج المواد المستخدمة في الأعمال الفنية التي تسهم في الإنتاج المحلي والوطني في تركيا.

وأضافت أنهم لا يخططون للبدء في عملية البيع إلا بعد الانتهاء من عملية البحث والتطوير، والانتهاء من إعداد التقارير الأكاديمية والشهادات وكذلك الحصول على براءة الاختراع. وأنهم حصلوا حاليًا على براءة اختراع وحق العلامة التجارية “أسيكا”.

وأشارت أنهم لا يرغبون في الابتعاد عن الطريقة التقليدية في إنتاج الورق إلا أن هناك حاجة إلى استخدام بعض الآلات والأدوات المستخدمة في تقطيع وغلي المواد الخام وتصفية المياه عند الإنتاج بكميات ضخمة.

ولفتت أنهم سيوفرون فرص عمل للنساء والشباب في إنتاج الورق في حال سار المشروع مثلما يخططون له علاوة على توفير فرص عمل ثانوية في ورشتهم لمن هم فوق سن الـ50.

وأوضحت أنهم أرسلوا الورق الذي أنتجوه إلى متخصصين في فن الخط والتذهيب لتجربته وقاموا بالرسم والتذهيب وكتابة بعض اللوحات على الورق، مضيفة أنه يمكن تفضيل هذا النوع من الورق في طباعة الصور باستخدام الألوان الزيتية.

– استخدام الورق في الأعمال الفنية

أما شعلة ألاباجاق، وهي من القائمين على أعمال الحفظ والترميم بالمركز، فقالت إنهم لا يُعرضون الورق لعمليات كثيرة إلا أنهم يقومون بـ”تحجيم وتلميع” الورق المخصص للاستخدام في الأعمال الفنية مثل الخط أو التذهيب.

وأوضحت أنهم يقومون بدهن الورق بخليط سائل يشبه الصمغ يصنعونه من بياض البيض ومادة الشبة ثم يتركونها تجف لتكوين طبقة فوق الورق.

وأردفت أنهم في مرحلة التلميع يستخدمون مواد مختلفة لفرد الورق وتلميعه وجعله أمتن، وبفضل تلك الطريقة يصبح الورق أكثر مقاومة ويثبت الحبر أو المواد المستخدمة للتلوين والتذهيب فوق الورق.

ولفتت ألاباجاق أن الورق المستخدم في عمليات الحفظ والمعروف باسم الورق الياباني (واشي) يتم استيراده من الخارج وأنهم يهدفون إلى إنتاج هذه النوعية من الأوراق محلياً واتاحتها للمستخدمين، مشيرة أن إنتاج هذا النوع من الورق محلياً سيكون مفيداً للبلاد.

وأوضحت ألاباجاق أن إنتاج الورق أمر شاق ويتطلب الكثير من الجهد والوقت.

 

صفحتنا على فيس بوك

لمتابعة صفحتنا على تويتر

لمتابعة قناتنا والاشتراك بها على يوتيوب

لمتابعة قناتنا على تلغرام و الاشتراك بها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى