صحيفة أمريكية: المسيّرات التركية في “قره باغ” بمثابة دروس للبنتاغون
صحيفة أمريكية: المسيّرات التركية في “قره باغ” بمثابة دروس للبنتاغون
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
نشرت صحيفة “فورين بوليسي” مقالًا لمراسلها في البنتاغون وشؤون الأمن القومي جاك ديستش، عن الدروس التي تعلمها الجيش الأمريكي من حرب أذربيجان لاستعادة إقليم ناغورنو قرة باغ. حسبما نقلته عنها صحيفة القدس العربي ومقرها لندن.
وقال إن أذربيجان في الوقت الذي سيطرت على الأجواء في الحرب ضد أرمينيا في الخريف الماضي وانتصرت فيها معتمدة على الطائرات التركية المسيرة “الكاميكاز”، اتضح للإستراتيجيين العسكريين الأمريكيين أمر واحد: لقد أصبح من السهل تصيد وقتل الجنود أكثر من أي وقت آخر وعمل هذا بطريقة رخيصة.
ومع انتشار الطائرات المسيرة الرخيصة في ميادين الحرب حول العالم، يمكن قتل أي جندي لتركه موقعه لفترة قصيرة من أجل الذهاب إلى الحمام. وقال العقيد سكوت شو، قائد مجموعة الحروب غير المتكافئة الذي سينهي مهمته في القيادة: “يمكن مشاهدة دبابات ومدافع ضُربت بطائرات مسيرة”.
وما بدا واضحا بعد هزيمة أرمينيا في الخريف الماضي، هو أن أمريكا لم تعد تتمتع بتفوق لا منازع له ضد المنافسين لها مثل الصين -وهو أمر قبله المسؤولون الدفاعيون منذ وقت- لكن الدول الفقيرة تستطيع الحصول على احترام جوي من المواد المتوفرة لديها. وقال: “ما يظهر من ذلك النزاع أن دولة ليست لديها ميزانية عسكرية كبيرة قادرة على القيام بحرب عسكرية مشتركة. وليست بحاجة لأن تكون الولايات المتحدة أو روسيا، وسعر الدخول في حرب مشتركة هو أقل مما يعتقد، ولست بحاجة إلى سلاح الجو الأمريكي المتدرب بدرجات متفوقة وقدرات باهرة من أجل القيام بعمليات أرض- جو أو جو- جو”.
وفي الحرب التي استمرت ستة أسابيع، نشرت أذربيجان طائرات “بيرقدار تي بي 2” التركية لتخفيض مساحة المعركة وتدمير القوات المسلحة الأرمينية، وكذا خط الإمدادات اللوجيستي الذي لم يصل بعد إلى الخطوط الأمامية.
وفي الوقت الذي استعادت فيه أذربيجان مساحات واسعة من المنطقة المتنازع عليها، لعبت أشرطة الفيديو الدعائية التي صورت القوافل الأرمينية المدمرة ومخازن الذخيرة دورها العسكري الجديد. وفي الأيام الأخيرة للحرب، استعرض رئيس أذربيجان إلهام علييف قائمة من الدبابات والعربات الأرمينية المدمرة، بما فيها 250 دبابة و50 عربة للمشاة وأربع صواريخ روسية الصنع من نوع أس- 300.
وفي منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، نسب علييف الانتصار في الحرب للطائرات التركية المسيرة التي دمرت معدات عسكرية أرمينية بقيمة مليار دولار.
ويعلق مايكل كوفمان، الباحث العلمي البارز في مؤسسة “سي أن إي” والباحث في مركز ويلسون: “من ناحية أساسية، يخبرون أنفسهم أنهم سيكونون من خلال التقارب والصدمة والترويع قادرين على خلق أثر ضد أعدائهم، ونعرف من دروس التاريخ أن هذا لن يحدث”. ويتوقع شو أن الحروب الآلية عن بعد قد تنتقل من الأجواء، ويمكن في المستقبل قيام الجيوش الأضعف بنشر عربات مسيرة في الحروب البرية والبحرية. وقال شو: “لو جاءت من السماء فستأتي في النهاية من البر وتدريجيا من البحر” و”هذه الأنظمة غير المسيرة ستنتشر ليس لأنها رخيصة ولكنها ستصبح أصغر وأصغر”.
وبدأ المخططون الدفاعيون الأمريكيون بالتحرك لذلك الاتجاه. وقام وزير الدفاع السابق مارك إسبر بمحاولة الوصول لهدف دونالد ترامب وبناء 355 سفينة للبحرية واستثمر كثيرا في البحث والهندسة المتعلقة بالسفن المسيرة. ولا يعرف عن خطط إدارة جوزيف بشأن البحرية، لكنها مع قوات المارينز أصدرت هذا الشهر خطة طريق لاستخدام الأنظمة المسيرة.
ويقول شو إن الطائرات المسيرة باتت أكثر فتكا وباتت تشبه الدبابات، وهي وحوش طائرة تخلف دمار عظيما، ومن الصعب تدميرها وهي في الجو مقارنة مع الجنود الذين يُقتلون على الأرض. وفي الوقت نفسه، أصبحت عملية مراقبة ساحة المعركة أرخص. وهذا يعني أن الجيش الذي لم يغير طلاء الوجه والتمويه منذ أكثر من عقدين يواجه خطر القتل والتدمير من عدو أضعف.
وهذا يمثل تحديا لطرق المناورة الأمريكية في الحرب، وحتى أسلوب الاتصالات الذي اعتمدته أمريكا في حروبها، وبالتحديد في العراق وأفغانستان عبر راديو “أف أم” يحتاج لتعديل، في وقت باتت فيه الدول مثل روسيا ماهرة في تحديد وضرب الوحدات التي لا تنتبه لمجال الطيف المغناطيسي. وقال شو: “نريد أن نفكر بتمويه أكبر من هذا”. وأضاف: “يمكنك إخفاء العربة في أي مكان تريد، ولكنك لا تستطيع إخفاء الآثار التي تقود إلى مكانك وكتل الطين أو أي شيء آخر. ونفس الأمر ينسحب على آثار الأقدام. وعلى المستوى التكتيكي علينا البحث عن طرق لإخفاء حركاتنا وموقعنا ومقرنا الرئيسي”.
وطلب من مؤرخ كتابة سجل كامل على تاريخ الوحدة. ويأمل أن تظل الدروس التي تم تعلمها خلال العشرين عاما من تجربة الوحدة في العراق وأفغانستان جزءا من تجربة الجيش الأمريكي، في وقت يحرف فيه نظره عن حروب الشرق الأوسط ويركز على الصين الواثقة من نفسها، والتي أربكت الخطط الأمريكية بتطوير صواريخ دقيقة. وطالما استمتع الجيش الأمريكي بالتميز في المواقع الثابتة، وعليه إعادة تطوير نفسه وتحريك العجلة.