“اعتصام الأمهات”.. بعد جريمة “غارا” تعاضد مجتمعي يلهم الثبات
“اعتصام الأمهات”.. بعد جريمة “غارا” تعاضد مجتمعي يلهم الثبات
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
لا يمكن لأي نشاط مدني أن ينجح إذا لم يشهد تعاضدا وتعاطفا شعبيا، وهو الحال الذي دفع فعاليات عديدة بمدينة دياربكر جنوب شرق تركيا، للتنديد بجريمة “غارا” التي نفذها الإرهابيون، ودعم اعتصام الأمهات.
وأعرب ممثلو الفعاليات المدنية والاجتماعية في المدينة، للأناضول، عن استنكارهم للجريمة الوحشية التي ارتكبها إرهابيو “بي كا كا” في غارا، شمالي العراق، الشهر الماضي، مشددين على دعمهم الكبير لاعتصام الأمهات لاستعادة أبنائهن من براثن المنظمة.
وفي 14 فبراير/ شباط الماضي، عثرت قوات تركية على جثامين 13 شخصا، بينهم 12 تركيا، خلال مداهمة لإحدى مغارات “بي كا كا” في منطقة “غارا”، ضمن عملية “مخلب النسر 2″، التي استمرت من 10 إلى 14 من الشهر ذاته، وانتهت بتحييد 53 إرهابيا.
وانطلق اعتصام الأمهات في 3 سبتمبر/ أيلول 2019، أمام مقر حزب “الشعوب الديمقراطي” في ديار بكر، المتهم بالضلوع في خداع واختطاف الشباب، وزجهم للقتال في صفوف المنظمة الإرهابية.
وأعرب الرئيس رجب طيب أردوغان، عن دعمه للمعتصمات في أكثر من مناسبة، فضلا عن دعم الوزراء والسياسيين وفنانين وصحفيين وكتاب ورياضيين ومنظمات مدنية ورجال دين وكثير من كافة فئات المجتمع.
كما حظي الاعتصام، بدعم “جمعية أمهات سريبرينيتسا” في البوسنة والهرسك، وعضو البرلمان الأوروبي توماس زديتشوفسكي، وسفراء في أنقرة أجروا زيارات لولاية ديار بكر، التقوا خلالها الأمهات المعتصمات.
** جريمة صدمت المجتمع
الأكاديمي التركي، رئيس قسم التاريخ بجامعة دجلة أوكطاي بوظان، قال في حديثه للأناضول، “عشنا كمجتمع حادثة مؤلمة، غارا، أحزنتنا كثيرا حيث قتلت المنظمة الإرهابية الرهائن وهو ما سبب لنا بصدمة”.
وأضاف “هذا المجتمع يتعرض منذ عشرات السنوات لظلم المنظمة الإرهابية، وهو ما يدل على أنها لا تهتم ولا تأبه بالشعب، بل هي أداة تنفذ بها الدول الغربية أجنداتها عبر هذه الجرائم الوحشية”.
وشدد على أن “هذه الحادثة أحزنت المجتمع بشكل كبير، ونأمل ألا تتكرر، لقد أظهرت مجددا أن الإرهابيين لا مبادئ ولا معتقدات ولا إنسانية لديهم، وهو ما بات واضحا للعالم أجمع، والموقف الأمريكي المتذبذب حيال إدانة الإرهابيين كان مستغربا”.
وتابع بوظان، مواصلا استنكاره، “هناك أطراف سياسية تسعى إلى مساندة الإرهابيين ضد الحكومة، ولكن هذا لن يكسر الإرادة الشعبية للمقاومة”.
وأعرب عن اعتقاده أن “هذه الحادثة لن تكسر إرادة الأمهات، لأنهن يتمتعن بشجاعة لا نظير لها، وهذه الحادثة ستجعلهن يقفن بحزم أكبر”.
وأردف “رغم أن الدولة كانت تأمل وتعمل على استعادة الرهائن عبر مفاوضات في العراق، لكن التنظيم الإرهابي لا يمكن التنبؤ بأفعاله”.
وختم بالقول: “من واجبنا دعم الأمهات طالما أنهن مستمرات في اعتصامهن، فإنه فرصة لإنهاء الآلام، وتوقفهن سيؤدي إلى فراغ يستغله الإرهابيون، ما يقود إلى آلام أخرى للأمهات والمجتمع”.
** وحشية الإرهابيين
عضو جميعة “أوزغور در”، الكاتب حسيب يوكوش، وصف الجريمة بأنها “عمل وحشي بما للكلمة من معنى، فالتنظيم الإرهابي عمل على قتل الرهائن الذين اختطفهم من أمهاتهم واحتجزهم في ظروف صعبة”.
وزاد: “عندما ضاق الخناق على الإرهابيين أطلقوا النار على رؤوس الرهائن، وبالتفكير بالأمهات اللواتي كن ينتظرن أبناءهن، ندرك حجم الألم والمعاناة إنسانيا، ومستوى الوحشية في هذه الجريمة، ندعو الله لهم بالرحمة”.
وشدد يوكوش، على أن “الحادثة تظهر مدى وحشية هذا التنظيم الإرهابي ولم تكن الأولى، حيث سبقتها جرائم عديدة في مناطق مختلفة، ونأمل أن تزول هذه الوحشية، مع أنها بالفعل وحدت جميع من يتمتعون بالإنسانية، بعيدا عن الانتماءات السياسية”.
واستطرد: “الاعتصام عمل شجاع ولا يجب تسييسه فهو يحمل قيمة عالية في الصراع ضد الإرهابيين، ولا أعتقد أن التنظيم قادر على كسر إرادة الأمهات عبر الحادثة التي جرت في غارا”.
وأنهى كلامه: “يجب دعم اعتصام الأمهات في كل الظروف ودفع الضغوط التي يتعرضن لها، كما يجب استذكار جهودهن في مجابهة الإرهابيين”.
** التكاتف والعمل المشترك
من ناحيته، قال رئيس جمعية الأبحاث القانونية في ديا ربكر محمد صديق دمير، “حزنا جميعا جراء الحادثة الأليمة التي وقعت في “غارا”، لقد كانت مجزرة بكل ما للكلمة من معنى، لأن المختطفين مدنيون، ولا ننظر إلى خلفياتهم المهنية”.
وأضاف “هذه الحادثة أليمة جدا لا يسوغها قانون ولا شرع، ولا يمكن القبول بهكذا جرائم وفق المعاهدات والقوانين الدولية، وتشريعات الأمم المتحدة واتفاق جنيف لحقوق الإنسان”.
وأكد أن “الأيام المقبلة ستظهر إن كانت هذه الجريمة ستؤثر على اعتصام الأمهات أم لا، لكني أعتقد أنها على العكس ستكثف تكاتف الجهود المدنية والعمل المشترك ضد هذه الأعمال الوحشية”.
وختم بالقول: “عندما تحس عائلات الضحايا والمختطفين بالتكاتف معها، فإنها ستتمسك باعتصامها، وبالمطالبة بأبنائها، ما سيزيد من مشاركة عائلات أخرى أكثر ويرفع من أعداد المشاركة في اعتصام الأمهات”.