كاتب تركي يروي : “قصة وطن في ضمير إنسان ” الشهيد العبقري زهير الشاهر ابن ديرالزور
فراس أصلان آغا : “قصة وطن في ضمير إنسان ” الشهيد العبقري زهير الشاهر ابن ديرالزور
فراس أصلان آغا* | تركيا :
في هذه الجمعة المباركة أسرد هذه القصة القصيرة التي تمثل أحد منابر النضال الحقيقي الذي يجعلنا نخجل من حقيقة ما
فعلناه أو نفعله ، لا بل بكل صراحة تضعنا بتحد حقيقي بما يجب فعله في المستقبل القريب لأجل أهلنا الأحبة ولأجل سورية الحبيبة مقولة علينا أن نتناقلها ونعلم فحواها لهذا الشهيد الجميل الملائكي رحمه الله ورحم شهداءنا الأبرار والخزي والعار ومثوى جهنم لكل أفاق قاتل مجرم ظالم قتل في محاولة إعلاء صوت الباطل والتي هي جولة مهما طالت …!
هذه المقولة التي نادى بها هذا ” الجميل ” ذو الواحد وعشرين ربيعا” …
“لن أحتاج لاختلاق القصص الخيالية من أجل أن أحكيها لأطفالي وأحفادي من بعدهم إن شاء الله، فلدي في جعبتي ما يكفي لأحدث أجيالاً من القصص والحكايا من وحي ثورتنا المجيدة.”
هذه المقولة أثرت في كثيرا” لأنها تمثل صورة ودرسا” حقيقيا” لكل ما الصدق من معنى وأن هذا الطفل الكبير بفعله وما قدمه ” روحه ” ثمنا” لوطنه أنه كان صريحا” مع ذاته من البداية … فكرس حياته ثمنا” لها ولم يبال … فأين نحن الواعون المدركون لحقيقة الأشياء من ثمن ما دفعه هؤلاء الأبطال …؟!
الرحمة لكل شهدائنا الأبرار ولكل المسلمين الذين سطروا اجمل الصور التي ستحكي عنها الأجيال كثيرا” وهنا دور الإعلاميون الشرفاء الذين يوضحون حقيقة مثل هكذا أمور للتاريخ ولتكون حية في عيون الأجيال اللاحقة … لله دركم يا أحبتي وأخوتي في الله ولنا لقاء قريب بإذن الله إن كان لنا شرف اللقاء … نسأل الله أن يجمعنا معكم بجوار الأخيار وكل أهل الحق من الأنبياء والصديقين والأتقياء والشهداء الأبرار وغيرهم من اهل الخير من بدء الخليقة لقيام الساعة … اللهم آمين … اللهم آمين … اللهم آمين
قصة الشهيد زهير الشاهر .. دير الزور
انتخب رئيساً لبرلمان أطفال ديرالزور ، و أهدته أسماء الأسد لاب توب ، عندما كان بعمر 15 سنة و ذهب شهيد و عمره 21 عاما فقط .
قصة شهيد عبقري بطل
منذ صغره برز زهير بين أقرانه متميزاً في التفكير والتصرف والتفوق الدراسي لينتخبه أعضاء برلمان أطفال دير الزور في عام 2005 كأول رئيس له وكان البرلمان وقتها الأول من نوعه في سوريا والمنطقة، واستمر زهير في منصبه حتى تخطيه مرحلة الطفولة التي يمثلها البرلمان في الثامنة عشر من العمر ولم يكن يعلم أحد أن ذكاء الطفل وتميزه سيكون سبباً في إنهاء حياته لاحقاً.
يروي الناشط صقر الحمصي صديق الشهيد زهير الشاهر لأورينت نت أن حُسن تفكير زهير وإدارته والطروحات المتميزة التي كان يدلي بها عملت على نشر فكرة البرلمان بسرعة حيث كسب اعتراف المجتمع المحلي في دير الزور بكافة فعالياته بعد أن كان مصدر سخرية لهم بأن (كيف لأطفال أن يقودوا برلماناً!)، ليعقد جلسات حوار ومساءلة لمديري الدوائر الرسمية في محافظة دير الزور بشكل دوري، إضافة إلى مشاركاته في النشاطات المحلية والعربية التي دعي لها وبكثرة حتى بدأت باقي المحافظات تأخذ بالتجربة الناجحة بإنشاء برلمانات أطفالها الخاصة..
كل ذلك دفع أسماء الأسد زوجة رأس النظام التي كانت وقتها تدّعي دعمها للطفولة والشباب والتنمية لزيارة دير الزور والتعرف على تجربة زهير ورفاقه في البرلمان حيث أعجبت بالطفل كثيراً وبطريقة تفكيره وإدارته فقامت بتقديم جهاز كومبيوتر محمول (لاب توب) له وكارت بلانش بالطلب من مسؤولي المحافظة تسهيل أموره وتلبية كافة طلباته وهو الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة عشر من العمر ويعمل في كفي نت ليعيل أسرته المكونة من ثلاثة أطفال يتامى هو أكبرهم سناً.
وليس ذلك فحسب فقد التقى الشاهر برأس النظام عند زيارته لدير الزور عام 2007 وزوده بجرأة ببعض مطالب أهالي المحافظة الأمر الذي عجز عنه من كان جالساً من مسؤولين وممثلين رسميين للمحافظة الذين استهلوا اللقاء بالترحيبات والتبريكات وأخذ الصور التذكارية.
وأضاف الحمصي أنه بعد ترك زهير للبرلمان انتقل لتأسيس مشروع (المعجزة) الذي يشمل عدة نشاطات من شأنها تحفيز
عودة الشباب للقراءة، كما حصل على الثانوية العامة بتفوق وحصل أيضاً على شهادة (التوفل) باللغة الانكليزية في وقت مبكر. عمل كثيراً في مجال حقوق الطفل وحقوق الإنسان إلى جانب ممثلي اليونيسيف وقدم الكثير في سبيل إرشاد الناس إلى حقوقهم التي طالما حلموا بها قبل أن يُسلب أهم حقوقه وهو حق الحياة.
وبين الناشط أنه مع انطلاق الثورة السورية لم يتوانَ الشاهر عن المشاركة في المظاهرات التي خرجت في حي باب سباع بحمص التي انتقل للعيش فيها لدى بيت جده كون والدته حمصية وفي نفس الوقت كان يسافر إلى دير الزور كل بضعة أيام ليشارك في مظاهراتها ويحفز أعضاء برلمانه الذين أصبحوا شباباً للخروج بالمظاهرات والتحلي بأخلاقيات الثورة والابتعاد عن كل ما يسيء إليها، وبعد حصار قوات النظام لحمص انتقل زهير للعيش في دير الزور مسقط رأسه وحاضن طفولته التي كانت وقتها هادئة نسبياً.
ولكن بعد بدء الهجمة الشرسة لقوات النظام على مدينة دير الزور والمستمرة عليها منذ سبعة أشهر وفرضها لحصار خانق على المدينة في ظل قصف متواصل وبدء تساقط الشهداء، لم يقف زهير مكتوف الأيدي فحمل كاميرته التي استعارها من أحد الأصدقاء وبدأ بنقل صور القصف والدمار والشهداء لينشئ مع عدد من رفاقه صفحة عدسة شاب ديري على الفيسبوك وينشر عليها ما كان يصوره من صور ومقاطع فيديو.
بعد أن شهد زهير كثرة عدد الشهداء ، وهو يصور أشلاءهم وجثثهم يومياً ..
وضع على صفحته الشخصية على الفيسبوك عبارة (مستني دوري) وبالفعل جاء دوره بعد أيام قليلة (الأول من آب 2012)
عندما كان يصور تمركزاً للشبيحة في أحد المباني إلا أن الأخيرين اكتشفوا وجوده في البناء المجاور ليسارعوا بإطلاق وابل من الرصاص عليه وهو ما يزال يقوم بالتصوير لتصيبه في صدره عدة رصاصات، ويستشهد وهو ممسك بالكاميرا التي بقيت تصور..
وبقي هو مصراً على التمسك بها ، إلى أن سقطت من يده بعد أن فارق الحياة عن 21 ربيعاً!.
وكانت هذه آخر عبارة كتبها زهير على صفحته على الفيسبوك قبل خروجه للتصوير في ذلك اليوم :
“لن أحتاج لاختلاق القصص الخيالية من أجل أن أحكيها لأطفالي وأحفادي من بعدهم إن شاء الله، فلدي في جعبتي ما يكفي لأحدث أجيالاً من القصص والحكايا من وحي ثورتنا المجيدة.”
حكاية زهير على الرغم من قصر فصولها إلا أنها تلخص أن الجيل الجديد من السوريين لا تشكل الماديات والامتيازات جلّ اهتمامهم وإنما تعد الحرية والكرامة طموحهم الأساسي الذي بذلوا حياتهم من أجله ..
*فراس أصلان آغا | مواطن تركي يصف حال شجاعة شاب سوري.
خبير تخطيطي استراتيجي