الأقلية التركية باليونان.. انتهاكات مستمرة وشكاوى متجددة
الأقلية التركية باليونان.. انتهاكات مستمرة وشكاوى متجددة
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
مشكلات متنوعة تلك التي يتعرض لها الكثير من أبناء الأقلية التركية في تراقيا الغربية شمال شرقي اليونان، ممن تم استثناؤهم من اتفاقية التبادل السكاني بين اليونان وتركيا عام 1923، ما جعلهم يجددون مطالبهم لأثينا بوضع حد لتلك الانتهاكات.
وبموجب اتفاقية التبادل السكاني الموقعة بين اليونان وتركيا في 30 يناير/ كانون الثاني 1923، جرى استثناء المسلمين الأتراك الذين يسكنون ما بين نهر مرج (إيفروس) الذي يفصل بين حدود البلدين، حتى مدينة “قوله” ونهر “قره صو” في اليونان من التبادل، ليكتسبوا صفة “أقلية” بموجب اتفاقية لوزان (1923).
ويبلغ عدد أبناء الأقلية التركية في منطقة تراقيا الغربية في اليونان نحو 150 ألف نسمة، يسعى معظمهم للتمسك بالحياة رغم المشاكل الاجتماعية والحقوقية التي يعانون منها جراء تعرضهم لمجموعة من الانتهاكات.
وفي تقييم لفترة التبادل السكاني والسنوات التي أعقبتها والأحداث التي عاشها سكان تراقيا الغربية، قال أحمد مته، مفتي مدينة اسكتجه (كسانثي) اليونانية بمقاطعة مقدونيا الشرقية وتراقيا (شمال شرق)، إن استثناء أتراك المنطقة من اتفاقية التبادل السكاني بين تركيا واليونان انعكس سلبا على أبناء الأقلية التركية المسلمة.
وأضاف “مته” للأناضول، أن الأتراك الذين شملتهم اتفاقية التبادل السكاني واجهوا في السنوات الأولى تحديات كبيرة، لكنهم سرعان ما شعروا بالسلام والازدهار في السنوات اللاحقة.
انتهاكات مستمرة
وتابع: “فيما استمرت معاناة الأتراك في تراقيا الغربية حتى يومنا هذا، بسبب مجموعة من الانتهاكات التي تعرضوا لها لاحقًا داخل اليونان وتعرضهم لممارسات تعسفية في مجالات الدين والتعليم والاقتصاد”.
وأشار أن أبناء الأقلية التركية المسلمة في تراقيا الغربية تركوا تحت رحمة الدولة اليونانية، وهم ما فتئوا يتعرضون لضغوط مستمرة، كما اضطروا جيلًا بعد جيل، لتقديم تضحيات كبيرة من أجل المحافظة على أراضيهم وأبنائهم.
ولفت المفتي مته، إلى أن الأقلية التركية المسلمة واجهت سياسات الصهر القومي والاستيعاب التي جرى تنفيذها من قبل الدولة اليونانية بحقهم، فيما عمدت أثينا إلى إغلاق مدارس الأقلية المسلمة من أجل تسريع عجلة سياسة الاستيعاب.
وطالب مته اليونان “بالكف عن تلك السياسات التعسفية ووقف الانتهاكات الدينية والاقتصادية والتعليمية ضد الأقلية التركية”.
وفي هذا الصدد، قال: تسعى اليونان لإنكار وجود هويتنا القومية والدينية من أجل يوننة المنطقة.. هويتنا التركية الإسلامية غير معترف بها، وجمعياتنا مغلقة بقرار من المحكمة لأن أسماءها تتضمن كلمات تركية”.
“كما عمدت أثينا لإثارة المشاكل في مؤسسة دار الإفتاء من أجل إفراغها من مضمونها وتقويضها، فيما يتعرض أعضاء الدار المنتخبين من قبل أبناء الأقلية التركية لمجموعة عقوبات تعسفية من قبل الدولة والمسؤولين العنصريين”، بحسب المتحدث.
ووفق المفتي، “قامت الدولة اليونانية بحرمان دار الإفتاء من حقها في ترميم وتجديد المساجد، كما عمدت إلى إجبار الأئمة على رفع الأذان بصوت منخفض، وفرض بعض الشخصيات غير المنتخبة على المؤسسات التابعة لدار الإفتاء”.
وأكمل أن اليونان “تجاهلت في ذلك الاتفاقيات ذات الصلة مع تركيا، في الوقت الذي تتمتع فيه الأقلية اليونانية (الرومية) في تركيا بكامل الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقيات بين البلدين”.
وجرى توقيع اتفاقية التبادل السكاني بمدينة لوزان (سويسرا) في 30 يناير 1923، بين تركيا واليونان، وشملت نحو مليوني مواطن تركي ويوناني.
وكان التوقيع بهدف تهجير الأتراك المسلمين من اليونان إلى تركيا، والروم الأرثوذكس من تركيا إلى اليونان، فيما استثنت الاتفاقية الأتراك المسلمين في تراقيا الغربية والروم الأرثوذكس المقيمين في إسطنبول.
شكاوى متجددة
بدوره، قال الصحفي الاستقصائي في تراقيا الغربية إبراهيم بلطالي، إن اتفاقية التبادل السكاني بين تركيا واليونان أثرت سلبًا على أتراك تراقيا الغربية.
وأضاف للأناضول أنه “عقب بدء تنفيذ الاتفاقية، أجبرت اليونان أتراك تراقيا الغربية على مشاركة منازلهم مع المهاجرين اليونانيين الذين تم جلبهم من تركيا، لقد عاش سكان المنطقة سنوات صعبة للغاية”.
وتابع: “لقد ساء وضع السكان المحليين من الأتراك المسلمين، الذين لم يتمكنوا في تلك الفترة من العثور على الطعام أو الخبز، ما أجبر العديد منهم للعيش تحت وطأة ظروف اقتصادية سيئة للغاية في ظل عدم وجود أي دعم من الدولة”.
وأشار بلطالي أن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي عاشها أتراك المنطقة، لم تشكل عائقًا أمام إقامة علاقات صداقة متينة بين العائلات التركية ونظيراتها اليونانية المهاجرة من تركيا.
ولفت أنه “رغم السنوات الحزينة التي مر بها سكان المنطقة إلا أن الأتراك لم يتوانوا عن مساعدة المهاجرين في بناء كنائسهم ومنازلهم الجديدة في المنطقة، وبالمثل فقد قام اليونانيون المهاجرون من تركيا بمساعدة الأتراك في تراقيا الغربية بترميم مساجدهم”.
واستطرد: “لقد عاش الأتراك والمهاجرون اليونانيون بشكل متداخل، وقدم الأتراك كما اليونانيين مئات الضحايا خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الأهلية اليونانية”.
وشدد أنه “كان يجب على اليونان حماية حقوق أبناء الأقلية التركية في تراقيا الغربية وتحسين ظروفهم المعيشية لكنها لم تفعل، بل عمدت على أن تصم آذانها عن صوت أبناء الأقلية التركية وأن تتخلى عن مسؤولياتها تجاههم”.
وفي عدة مناسبات، دعت الخارجية التركية، اليونان إلى الكف عن اتباع سياسة الانتهاكات الممنهجة لحقوق التعليم لأطفال الأقلية التركية، بشكل لا يتناسب مع بنود اتفاقية لوزان، وإعادة افتتاح المدارس التابعة للأقلية بتراقيا الغربية.
فيما قال الناطق باسم الخارجية التركية حامي أقصوي، في وقت سابق، إن اليونان أغلقت خلال الـ25 عاما الأخيرة، وبشكل ممنهج، المدارس الابتدائية التابعة للأقلية التركية بتراقيا الغربية بحجج واهية، منها تدابير التقشف، وعدم كفاية التلاميذ، دون استشارة أبناء الأقلية.