تركيا تفرض علاقاتها الجديدة على أوربا و أمريكا و السبب نجاحاتها في 2020
تركيا تفرض علاقاتها الجديدة على أوربا و أمريكا و السبب نجاحاتها في 2020
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
أظهرت تركيا للعالم خلال عام 2020 قدرتها على تنفيذ عمليات عسكرية في المناطق البعيدة عنها، كما أكدت عزمها وإصرارها على حماية مصالحها وحقوقها من خلال تحركاتها في شمال العراق وسوريا وليبيا وشرقي المتوسط والقوقاز.
وفي هذا الإطار يرى خبراء أتراك، أن علاقات تركيا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ستعاد صياغتها مجددا في ضوء هذا الوضع الذي فرضته أنقرة.
وتحدث الخبراء في مقابلات منفصلة مع الأناضول عن سياسات تركيا عام 2020 بخصوص الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وليبيا وشرقي المتوسط، وعن التطورات المحتملة في 2021.
** سوريا
وقال البروفيسور الدكتور حسين باغجي عضو هيئة التدريس بقسم العلاقات الدولية في جامعة “الشرق الأوسط” التقنية، رئيس معهد السياسات الخارجية، إن تركيا “ضمنت أمن حدودها بعملية درع الربيع التي أطلقتها بهدف تحقيق وقف إطلاق النار في إطار اتفاقات “أضنة وأستانة وسوتشي”.
ورأى باغجي، أن “عملية درع الربيع منعت موجة هجرة كبيرة تجاه تركيا، كما حالت دون حدوث كارثة إنسانية”.
و”درع الربيع” عملية عسكرية أطلقتها تركيا ضد قوات النظام السوري عقب اعتداء غادر على قواتها الموجودة في إدلب بتاريخ 27 فبراير/ شباط الماضي.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار حينها معلقا على العملية ، إن قوات بلاده تواصل عملياتها بإدلب، في إطار المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات أضنة (الأمني بشأن الحدود بين تركيا وسوريا عام 1998)، وأستانة (عام 2017 بين تركيا وروسيا وإيران لخفض مناطق التصعيد في سوريا)، وسوتشي (عام 2019 بين تركيا وروسيا لانسحاب تنظيم ” ي ب ك ” الإرهابي عن الحدود التركية) .
** العراق
وبخصوص سياسة أنقرة تجاه العراق أوضح باغجي، أن “تركيا نفذت عمليات ضد التنظيمات الإرهابية داخل الحدود العراقية وفي الوقت نفسه سعت لتطوير علاقاتها الدبلوماسية مع بغداد ومع إدارة إقليم شمال العراق.
وأضاف أن تركيا “تنتهج سياسة متوازنة للغاية في العراق، وتواصل علاقاتها مع إدارة شمال العراق مراعية التوازن بين بغداد وأربيل”.
وكثيراً ما تؤكد أنقرة، وفق باغجي، على “أهمية مراعاة التوازن بين أربيل وبغداد من ناحية استقرار العراق”.
وأعرب عن اعتقاده بأن العلاقات القائمة السياسية والتجارية مع العراق بما فيه إقليم كردستان “ستتعزز أكثر بالتدريج وبخطوات ملموسة”.
وأردف باغجي، “لذلك يمكن أن نقول إن العلاقات التركية- العراقية ناجحة للغاية”.
** مصر والسعودية
وحول العلاقات مع مصر أشار باغجي، إلى أن تركيا “اهتمت كثيراً بذلك وأقامت مع مصر علاقات حذرة مراعية الوضع القائم بين الشعب المصري والنظام الحالي”.
وأشار إلى أنها “أقامت كذلك علاقات مشابهة مع السعودية خلال الفترة المذكورة”.
** الحاجة إلى تركيا
وقال باغجي، إن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “سادها التوتر خلال عام 2020 ووصل الأمر إلى حد فرض عقوبات عسكرية على تركيا”.
وأوضح أن أكثر الخلافات صعوبة كانت بخصوص شرق المتوسط وسوريا.
وأضاف أن “سياسة التوتر التي انتهجتها إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب على مدار السنوات الأخيرة تجاه تركيا لن تستمر بنفس الطريقة” في إشارة إلى انتهاء ولايته لصالح الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن.
ورأى باغجي، أن عام 2020 “كان عام خسائر في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وأن عام 2021 سيكون عام تعويض تلك الخسائر وتصحيح الأخطاء”.
وأردف أن “تصريحات الرئيس أردوغان حول استعداد تركيا للحوار ولفتح صفحة جديدة مع الجميع تدل على ذلك”.
ولفت باغجي، إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “أدركا أنه لن يمكنهما إتمام خطواتهما في منطقة الأطلسي دون تركيا لموقعها الجيوسياسي والجيوستراتيجي”.
وأكد على أن تركيا “دولة مفتاحية يتحتم على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أخذها بعين الاعتبار”.
ولفت باغجي، إلى أن إدراك العالم لدور تركيا المهم ظهر من خلال عدم إصدار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قرارات بعقوبات شديدة تضر بها، مشيرا إلى أن عقوبات “كاتسا” ليست عقوبات قاسية أو صارمة ضد تركيا.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على تركيا بموجب قانون مكافحة خصوم أمريكا عن طريق العقوبات، المعروف اختصارًا بـ”كاتسا”، على خلفية شرائها واختبارها منظومة صواريخ “إس 400” الروسية للدفاع الجوي.
وتابع باغجي، أن تركيا أيضا “قدمت للعالم رسالة مفادها أن عام 2021 سيكون عام الإصلاحات”.
** تركيا تفضل التدخل
بدوره قال البروفيسور الدكتور جنكيز تومار نائب رئيس جامعة “خوجة أحمد يسوي” الدولية التركية الكازاخية، إن تركيا تحلت عن سياستها التي تمحورت حول الناتو والغرب في فترة الحرب الباردة وبدأت في تطبيق سياسة متعددة الجوانب تجاه الشرق الأوسط وإفريقيا وحتى أمريكا اللاتينية.
وأضاف أن أنقرة “ركزت أكثر خلال عام 2020 على مسألة شرق المتوسط”.
وأردف تومار، أن “السياسة الاستباقية التي اتبعتها تركيا في الشرق الأوسط والتي بدأت مع موقف الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) في مؤتمر دافوس في الواقعة المشهورة بـ (وان مينيت) ووصلت لمرحلة مختلفة مع (الربيع العربي الذي شهد ثورات ضد الأنظمة).
وواقعة (وان مينيت) جرت عام 2009 خلال مؤتمر “دافوس” عندما انسحب أردوغان الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في حينه بعد مجادلة عن الحرب الإسرائيلية على غزة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريس.
وتابع تومار، أن تركيا “اتخذت موقفاً داعماً للتحركات الشعبية المناهضة للأنظمة القمعية في الشرق الأوسط وفضلت التدخل في الأحداث الجارية في المنطقة بدلاً من الاكتفاء بمشاهدتها”.
واستطرد تومار “حققت تركيا نجاحاً كبيراً في شمال العراق ضد منظمة (بي كا كا) الإرهابية، كما نجحت بأسطولها في منع فرض الأمر الواقع عليها من قبل عدة أطراف في شرق المتوسط”.
ولو لم تتخذ تركيا تلك الخطوات وتقوم بتلك التدخلات، بحسب تومار، “لكان البحر المتوسط قد تم تقسيمه تماماً مع استبعاد تركيا، ولكانت (بي كا كا) قد أسست دويلة إرهابية على حدود تركيا”.
وتشهد منطقة شرقي البحر المتوسط توترا إثر مواصلة اليونان اتخاذ خطوات أحادية مع الجانب القبرصي الرومي، وبعض بلدان المنطقة بخصوص مناطق الصلاحية البحرية.
** شكل العلاقات
بدوره قال البروفيسور الدكتور محمد عاكف أوكور عضو هيئة التدريس بقسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة “يلدز” التقنية، إن “دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للتنظيمات الإرهابية التي تكافحها تركيا أدى إلى تصعيد التوتر”.
وأضاف أن “الخطوات التي اتخذتها تركيا في عدة مناطق أهمها شرق المتوسط وشمالي سوريا لحماية حقوقها ومصالحها كانت أيضاً من أسباب التوتر”.
وأشار أوكور، إلى أن الولايات المتحدة “اتخذت من شراء تركيا منظومة الدفاع الصاروخية الروسية إس-400 ذريعة لتفعيل عقوبات (كاتسا) ضدها”.
ولفت إلى أن “سعي فرنسا واليونان لتحقيق أطماعهما في شرقي المتوسط عبر الاتحاد الأوروبي كان من الملفات الهامة للسياسة الخارجية التركية خلال عام 2020”.
وأظهرت تركيا، وفق أوكور ، “قدرتها على تنفيذ عمليات عسكرية في مناطق بعيدة عن حدودها وبقدراتها الذاتية، وأعلنت أنها تؤيد إقامة علاقات جديدة تراعي عزمها وإصرارها على حماية حقوقها ومنافعها”.
واستطرد أوكور قائلا “لذلك فإن علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ستتشكل وفقاً لهذا الوضع الجديد الذي فرضته تركيا”.