بحجة مكافحة الإرهاب.. عنف الشرطة النمساوية يصدم عائلة سورية
بحجة مكافحة الإرهاب.. عنف الشرطة النمساوية يصدم عائلة سورية
شبكة أخبار تركيا للناطقين باللغة العربية :
لن تنسى عائلة محمد جمال مراد المقيمة في النمسا من أصل سوري ما تعرضت له من عنف على أيدي الشرطة في منزلها بالعاصمة فينا.
ففي 9 نوفمبر/ تشرين الثاني دهمت الشرطة منزل عائلة مراد الذي يعيش في النمسا منذ 42 عاما “بحجة مكافحة الإرهاب” وفق ما قال للأناضول.
وتولى مراد خلال وجوده في النمسا مناصب إدارية في العديد من منظمات المجتمع المدني.
كما أنه يتولى دورا فعالا في “الجماعة الإسلامية” بالنمسا منذ 11 عاما، إضافة إلى عمله بالتجارة.
شخصية معروفة ولكن..
ورغم أن مراد تربطه علاقات طيبة بالعديد من السياسيين والقادة بالأجهزة الأمنية النمساوية، بحسب ما يقول، إلا أنه وعائلته لم يسلموا من عنف الشرطة وتمت معاملتهم وكأنهم إرهابيين.
وأوضح أن تلك العلاقات تعود لجهوده الاجتماعية التي يبذلها منذ سنوات طويلة بصفته ناشط إسلامي، وإلى تعاونه مع المسؤولين النمساويين لخدمة المجتمع المحلي.
ولفت مراد، إلى أنه شخصية معروفة من قبل الدولة وأن العديد من السياسيين وأصحاب المناصب القيادية بالدولة حضروا افتتاح مؤسسة (ليغا كولتور) التي أسسها عام 2003، وإلى أن الكثير من المسؤولين النمساويين حضروا اجتماعات للمؤسسة.
مداهمة الشرطة للمنزل
ويروي مراد للأناضول ما حدث في الساعة الخامسة من صباح يوم 9 نوفمبر الماضي حيث دهمت الشرطة النمساوية منزله بعد تحطيم بابه الخارجي.
ومن هول الموقف الذي تخللته أصوات تحطيم وتكسير اعتقدت زوجة مراد أن هناك لصوصاً يحاولون اقتحام المنزل وفق ما يقول.
وأضاف أن عددا كبيرا من أفراد القوات الخاصة بالشرطة مدججين بالسلاح دخلوا غرفة نومه وصوبوا الأسلحة نحوه وزوجته وأجبروهما على الانبطاح أرضاً ورفع أيديهما.
الأطفال لم يسلموا
وأردف مراد، أن مجموعة من أفراد الشرطة توجهوا إلى غرفة الأطفال فطلب منهم أن لا يوقظوهم بهذه الطريقة وإلا فإنه سيرفع عليهم دعوى قضائية، لكنهم لم يستجيبوا واقتحموا الغرفة بوحشية وطلبوا من الأطفال النهوض.
بدورها قالت ابنة مراد (12عاماً) للأناضول، إنها استيقظت إثر سماعها صراخاً وضجيجاً وقبل أن تفهم ماذا يحدث فوجئت بأفراد من الشرطة يحملون السلاح يدخلون غرفتها.
وأضافت، أنها نظرت إلى أختها الصغرى فوجدتها مستيقظة ولكنها لا تريد أن تفتح عينيها من شدة الخوف.
ووصفت الطفلة مشاعرها إزاء الموقف بأنها “كانت مضطربة ما بين الخوف والقلق وأنها حاولت أن تفهم لماذا تتعرض عائلتها لتلك المعاملة”.
هل أنا في سوريا؟!
“كان أفراد الشرطة يتحركون وكأنهم يهاجمون عدوا في ميدان المعركة (..)”، هكذا وصف مراد مشهد اقتحام منزله.
وقال: “في تلك اللحظات حاولت تمالك نفسي وأخذت أفكر أين أنا؟ هل أنا في منزلي؟ هل أنا في النمسا؟ أم أنني في سوريا حيث تحدث أحداث مشابهة كل يوم من قبل النظام”.
وأضاف مراد: “في النهاية أدركت أنني في منزلي بفيينا التي أعيش فيها بسلام منذ 42 عاما، لكن الشرطة عاملتنا وكأننا مواطنون من الدرجة الثالثة، وتصرفوا معنا بطريقة لا تستخدم إلا مع إرهابيين مستعدين للقتال”.
وأشار إلى أن الشرطة بعد أن أنهت تفتيش منزله اقتادته إلى مكان عمله للتفتيش، وأنه عندما خرج من المنزل وجد أكثر من 25 فرداً من الشرطة وحوالي 10 سيارات تابعة لهم في مشهد لن ينساه طوال حياته.
ولا يعرف مراد الاتهامات الموجة إليه بالضبط لكنه قال إنها “جاءت بناء على تقارير أعدها خبراء مزعومون معروفون بعدائهم للإسلام”.
كما أن محامي مراد لم يتمكن حتى الآن من الاطلاع على ملف القضية، وفق ما يقول، لكنه شدد على أن ما حدث يعد انتهاكاً لحقوقه الأساسية.
ليس المنزل الوحيد
ولم يكن منزل مراد هو الوحيد الذي دهمته الشرطة النمساوية فهناك قائمة من 23 اسما غيره تمت مداهمة منازلهم بناء على ذات التقارير وفق ما يقول.
وأشار إلى أنه تحدث مع قائد الفريق الذي دهم منزله، وكان على معرفة شخصية به مسبقا.
وقال: “سألت قائد الفريق لماذا يتصرفون هكذا ولماذا اقتحمتم منزلي؟ فأخبرني بأنه يعرفني جيداً وأنه متأكد من براءتي، ولكنه ينفذ أوامر جاءته من جهات عليا”.
وأوضح مراد، أن الشرطة أطلعته على ملف يحوي معلومات عنه وعن الأشخاص الذين تمت مداهمة منازلهم.
وأوضح أن “القائمة كانت تضم 23 اسما”، مشيرا إلى أنه عرف بعض الأسماء ومعظمهم معروفون لدى الرأي العام وخدمة البلاد.
إرهابي يسكن بجوارنا
وحول تأثير مداهمة الشرطة لمنزله على معاملة الجيران له ولعائلته قال مراد، “لم أتعرض لمعاملة سلبية مباشرة، إلا أنني أقرأ في أعينهم عبارة (هناك إرهابي يسكن بجوارنا)”.
وأضاف أن “عملية اقتحام منزلي والمنازل الأخرى أحدثت حالة من الخوف والهلع لدى المسلمين في النمسا”.
وأشار مراد إلى أنه عقب دهم الشرطة لمنزله تم تجميد أرصدته في البنوك، كما تم وقف أنشطته التجارية.
كفاح قانوني
وشدد مراد، على أنه سيواصل الكفاح القانوني حتى النهاية ضد ما تعرض له هو وأسرته من معاملة سيئة على أيدي الشرطة النمساوية.
وقال مراد، إنه إضافة إلى الشكل الهمجي الذي تمت به مداهمة منزله، فإن ابنتيه وإحداهما لا يتجاوز عمرها الـ 7 سنوات تواجهان مشاكل نفسية حالياً بسبب ما تعرضتا له.
وفي 9 نوفمبر الماضي نفذت الشرطة النمساوية مداهمات على 60 منزلاً بتهم تشكيل كيان إرهابي وتمويل الإرهاب وتبييض الأموال، وأوقفت 30 ناشطاً إسلاميا وأكاديميين.
وقوبل استخدام الشرطة العنف تجاه أشخاص معروفين لدى الرأي العام ومعاملتهم كإرهابيين بردود فعل غاضبة من أوساط مختلفة من المجتمع النمساوي.
وطالب الكثير من الكتاب والصحفيين ومؤسسات المجتمع المدني بإطلاق سراح الموقوفين فوراً.